هذا قول مدخول من وجهين :
الأول : لا شك في أن عيسى عليهالسلام يسأل عن ذلك يوم القيامة بدليل قوله تعالى مخاطبا إيّاه : ( أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍ ) ـ إلى قوله ـ ( ما قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ) [ المائدة : ١١٦ ـ ١١٧ ].
وأما كون الأمير عليهالسلام لا يسأل فيمكن أن نقول فيه إن المغالين في حبّه عليهالسلام لم يعبدوه ولم يتخذوه إلها من دون الله وإنما وصفوه بصفات لا تليق إلاّ بالله وحده ، كالخلق والرزق والحياة والممات إلى غير ما هنالك من صفات الله العينية والفعلية ، والظاهر من حال الغلاة المفرطين في حبّه عليهالسلام أنهم يعبدون الله ويعترفون للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنه مرسل من عند الله ولكنّهم غالوا في حبّه عليهالسلام فوصفوه بما لا يجوز أن يوصف به إلاّ الله وحده بالأصالة.
الثاني : ليس في الإحتجاج المذكور ما يدل على أن الأمير عليهالسلام لا يسأل حتى يقول : ومن أين لهم أن عيسى عليهالسلام يسأل وعليّ عليهالسلام لا يسأل ، فهو شيء جاء به من نفسه ليصبّ عليه رأيه الفاسد.
وأما ما أورده من الآية الكريمة واستدل به على أن الأمير عليهالسلام يسأل فمدخول بأن المروي عن الضحاك ، وعن سيّد الآلوسي عكرمة أنها تريد الأصنام التي كانت تعبد من دون الله إذا أحياهم الله وأنطقهم ، وهو الّذي تفيده كلمة ( ما ) الموصولة التي تستعمل غالبا في اللّغة لغير العاقل.
وأما قوله : « إن القول بالتثليث إنما ظهر بعد رفع عيسى عليهالسلام إلى السّماء ».
فيقال فيه : أنه إذا كان ظهور غلاة عيسى عليهالسلام بعد رفعه إلى السّماء فكيف يزعم هذا فيما تقدم عنه أنه عليهالسلام وبخهم غاية التوبيخ ، وهل يعقل أن يكون قد وبخهم بعد رفعه إلى السّماء ، فالآلوسي إما أن يقول بظهورهم قبل رفعه أو بعد