وخليفتها الأول في شريعتنا الّذي قد عرفت فيه قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( يا عليّ لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم ) الدال بصراحة على أن المناط في التفضيل هو العلم والتقى ورسوخ الإيمان بالله تعالى وبرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهداية الناس إلى دينه ، وهذه فضيلة لعليّ عليهالسلام قد امتاز بها على سليمان عليهالسلام إضافة إلى ما تقدم من قيام البرهان على أفضليته عليهالسلام منه عليهالسلام.
ثالثا : قوله : « أما تعزير الأمير للمغالين في محبته فإنه لا يوجب تفضيله عليهالسلام على عيسى عليهالسلام ».
فيقال فيه : لا شك في أن المسارعة إلى إقامة الحدود والتعزير والنكاية بالكافرين والمبادرة إلى استئصالهم فضيلة لعليّ عليهالسلام لم تكن في عيسى عليهالسلام.
وأما قول الآلوسي : « إن عيسى عليهالسلام قد ردّ عليهم ووبخهم غاية التوبيخ ».
فليس في الآيات ما يدلّ عليه ، ويقول الكتاب : ( وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ ) [ المائدة : ٧٢ ] فليس في الآية ما يدلّ على أنه عليهالسلام وبخهم غاية التوبيخ فضلا عن التنكيل بهم ، وإنما الموجود فيها أنه أمرهم بترك ما هم عليه من دعوى تأليهه ، وبيّن لهم أن من يشرك بالله فقد حرم عليه الجنّة ومأواه النار ، فهو قد خوفهم وأرهبهم وأرعبهم باللاّزم لقولهم وشركهم بما ينالونه في الآخرة من العذاب على كفرهم وشركهم ، وأين هذا من ذاك كما لا يخفى على أولي الألباب.
رابعا : قوله : « ثم من أين لهم أن عيسى يسأل يوم القيامة وعليّ لا يسأل ، وقد قال تعالى : ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ) [ الفرقان : ١٧ ].