ثياب سفره شيئاً ، فان الناس إذا رأوه عليه آثار الغربة ، سألوه ، فليقل لهم : تركت علياً قد نهد إليكم بأهل العراق ، فانظر ما يكون من أمرهم .
ففعل الرجل ذلك ، فاجتمع الناس وسألوه ، فقال لهم ، فكثروا عليه يسألونه فأرسل إليه معاوية الأعور السلمي يسأله ، فأتاه فسأله ، فقال له ، فأتى معاوية فأخبره ، فنادى : الصلاة جامعة ، ثم قام فخطب الناس وقال لهم : إن علياً قد نهد إليكم في أهل العراق ، فما ترون ؟
قال : فضرب الناس بأذقانهم على صدورهم لا يتكلمون ، فقام ذو الكلاع الحميري فقال : عليك الرأي وعلينا الفعال .
فنزل ونادى في الناس بالخروج إلى معسكرهم .
وعاد الرجل إلى علي ( ع ) فأخبره بذلك ، فنادى : الصلاة جامعة ، ثم قام فخطب الناس ، فأخبرهم أنه قدم عليه رسول كان بعثه إلى الشام وأخبره أن معاوية قد نهد إلى العراق في أهل الشام ، فما الرأي ؟
فاضطرب أهل المسجد ، هذا يقول الرأي كذا ، وهذا يقول الرأي كذا ، وكثر اللغط واللجب ، فلم يفهم علي ( ع ) من كلامهم شيئاً ولم يدر المصيب من المخطىء ، فنزل عن المنبر وهو يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ذهبَ بها ابنُ آكلة الأكباد ـ يعني معاوية (١) .
اعتراض بعض قراء الشام على معاوية
وقبل أن يتجهز أمير المؤمنين علي للمسير نحو صفين ، جاء أبو مسلم الخولاني في ناسٍ من قراء أهل الشام إلى معاوية فقالوا له : يا معاوية ، علام تقاتل علياً وليس لك مثل صحبته ولا هجرته ولا قرابته ولا سابقته !
فقال : إني لا أدعي أن لي في الإِسلام مثل صحبته ولا هجرته ولا سابقته ، ولكن خبّروني عنكم ، ألستم تعلمون أن عثمان قُتل مظلوماً ! قالوا :
__________________
(١) شرح النهج ٣ / ٩٦ .