حينئذ تناول لفظ الطعام والحب ونحوهما مما هي أسماء أجناس تحتها إقدار مشتركة أخص منها ، كما لا يرد الاتحاد هنا في الشعير والحنطة مع اختلاف اللفظين ، مع إمكان التخلص عن الأخير بطريق آخر ، هو ما أشارت إليه النصوص ، من أن الاتحاد في باب الربا بينهما باعتبار كون الشعير من الحنطة ، وأنها هي أصله ، لا باعتبار اتحادهما في الحقيقة ، الآن ومثله حينئذ كاف في تحقق الربا ، وإن اختلفت الحقيقة ، وكان إطلاق الأصحاب في أول البحث الاكتفاء باتحاد الجنس ، مع جريان الربا في المختلف إذا كان أحدهما أصلا والأخر فرعا ، اتكالا على ما يذكرونه بعد ذلك ، أو يريدون اتحاد الجنس ولو بالأصل.
نعم الظاهر الاكتفاء بذلك إذا كانت الحقيقة الفرعية متخذة من ذلك الأصل لا غير كالشعير من الحنطة. والتمر من الطلع مثلا ، فلا يرد حينئذ معلومية عدم الربا بين التمر والملح الذي يفرض استحالته ، لأن حقيقة الملح ليست متخذة منه ، بل هو استحالة لخصوص فرد فتأمل جيدا. فإنه دقيق نافع. وتسمع له فيما يأتي تتمة إنشاء الله.
وبذلك كله يظهر لك ارتفاع الاشكال عن المسألة وإن التبس الأمر على بعض المحققين ؛ من متأخري المتأخرين ، ولو فرض حصول فرد مشتبه بين كونه متحد الجنس ومختلفه ، فظاهر اعتبار الأصحاب اتحاد الجنس في الحرمة الحل لأن الشك في الشرط شك في المشروط ، والفرض كون المحرم مشروطا دون الجائز الباقي على مقتضى العموم.
نعم قد يقال إن ظاهر النصوص الاشتراط في كل منهما ، لقوله فيما تسمع (١) « إذا اختلف الجنسان أو الشيئان فبيعوا كيف شئتم » ونحوه غيره ، وقوله (٢) « كل شيء يكال أو يوزن فلا يصلح
__________________
(١) المستدرك ج ٢ ص ٤٨٠.
(٢) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الربا الحديث ٣.