كما ترى ، فتأمل جيدا في جميع ما ذكرنا ، فإن منه يظهر لك الخلل في جملة من كلمات الأصحاب في مواضع متعددة والله أعلم.
ولو جمع بين شيئين مثلا مختلفين في كون كل منهما مورد عقد مخصوص في عقد واحد بثمن واحد كبيع وسلف فقال : بعتك هذا العبد وعشرة أقفزة حنطة موصوفة بكذا مؤجلا إلى كذا بمأة درهم أو إجارة وبيع فقال : آجرتك الدار وبعتك العبد بكذا أو نكاح وإجارة فقال : أنكحتك نفسي وآجرتك الدار بكذا صح بلا خلاف أجده فيه ، وإن أوهمه نسبة بعضهم إياه إلى الأكثر بل قيل صرح في المبسوط بأن فيه خلافا عندنا ، لكنه احتمل إرادته من العامة.
نعم عن الأردبيلي أنه تأمل فيه ، ولعله للشك في نقل مثل هذا العقد الذي لا يدخل في اسم كل منهما ، وإلا اعتبر فيه ما يعتبر فيهما ، ولأن الجهالة والغرر وإن ارتفعا بالنسبة إلى هذا العقد ، إلا أنهما متحققان بالنسبة إلى البيع والإجارة ، وقد نهي الشارع عنهما في كل منهما ] (١) وارتفاعها بالنسبة إلى مجموع العقد غير مجد ، وليس هو كالمبيعين الذين فسد البيع بالنسبة إلى أحدهما ، للاكتفاء فيه بمعلومية ثمن المجموع الذي هو مبيع والجهل بالتقسيط غير قادح بعد أن كان بالنسبة إلى جزء المبيع لا إلى مجموعه ، بل لعل مثل ذلك غير قادح حتى مع العلم بالفساد من أول الأمر ، لصدق معلومية ثمن المبيع ، ولو كان البيع في بعضه فاسدا بخلاف المقام الذي ثمن تمام المبيع فيه مجهول ، وإن كان هو معلوما بالنسبة إلى مجموع العقد.
اللهم إلا أن يقال : إن المعلوم من قدح الجهالة ما إذا كان البيع عقدا مستقلا لا جزء عقد ، فإطلاق الأدلة بحاله ، كما أن عموم قوله تعالى (٢) ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) كاف في ثبوت مشروعيته ، بعد ظهور اتفاق الأصحاب عليه ، الذي يكفي في ثبوت معهوديته ، فتشمله الآية
__________________
(١) الوسائل الباب ٤٠ من أبواب آداب التجارة الحديث ٤ المستدرك ج ٢ ص ٤٧٠.
(٢) سورة المائدة الآية ١.