المدارك العمل به بأن المفهوم منه كون الستر لأجل عدم رؤية الناس لا لله ، وهو مخالف لظاهر الأخبار الصحاح والمعتبرة المعمول بها بين الأصحاب ، بل الإجماع أيضا ، لأن وجوب ستر العورة عند الفقهاء ليس سترها عن الناظر بل لله تعالى بالبديهة ـ كما ترى ، إذ لا خبر فضلا عن الأخبار ، والإجماع يدل على سترها في هذا الحال للصلاة ، بل لعل الظاهر من نصوص التفصيل (١) بالأمن وعدمه والتعليل بالبدو في الحس الظاهر للناظر بقرينة الجلوس فيه خلافه كما ستعرفه مفصلا ، وبه يندفع ما في الذكرى من إشكاله بأنه يلزم من العمل به أحد أمرين ، إما اختصاص المأمومين بعدم الإيماء مع الأمن أو عمومه لكل عار آمن ، ولا سبيل إلى الثاني ، والأول بعيد ، إذ الظاهر إمكانهما معا ، وأما ما في كشف اللثام من احتماله إيمائهم لركوعهم وسجودهم بوجوههم ، وركوعهم وسجودهم على الوجه الذي لهم ، وهو الإيماء ، ولذا قال في نهاية الأحكام : إنها متأولة ، فهو كما ترى لا يترك بمثله المعتبر من النصوص ، مع أنه لا ينبغي تخصيص المأمومين بذلك ، فالعمل به حينئذ متجه ، ولا غرابة حينئذ في التفصيل بين المأموم وغيره لذلك.
بل يمكن الفرق بينهما أن الإيماء في الجالس غيره ، لعدم أمن المطلع الذي سوغ له الجلوس بخلافه ، فإنه باعتبار التصادق المأمومين بعضهم ببعض في سمت واحد لا إطلاق لأحد على الآخر في الركوع والسجود ، ولذا اختص الإمام بالإيماء بينهم ، لعدم الأمن بالنسبة إليه باعتبار تقدمه عليهم ، وإلى ذلك أشار في المنتهى بعد أن رجح الموثق المزبور بقوله : « لا يقال : إنه قد ثبت أن العاري مع وجود غيره يصلي بالإيماء ، لأنا نقول : إنما ثبت ذلك فيما إذا خاف من المطلع ، وهو مفقود هنا ، إذ كل واحد مع سمت صاحبه لا يمكنه أن ينظر إلى عورته حالتي الركوع والسجود » ونحوه في الذكرى ، لكن أشكله بأن المطلع هنا إن صدق وجب الإيماء ، وإلا وجب القيام ، وأجاب بأن التلاصق
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب لباس المصلي ـ الحديث ٣ و ٥ و ٧.