وأنه عبر بذلك للتقية ، قال فيه : « كتبت إلى الشيخ يعني الهادي عليهالسلام أسأله عن الصلاة في الوبر أيّ أصنافه أصلح؟ فأجاب لا أحب الصلاة في شيء منه ، قال : فرددت الجواب انا مع قوم في تقية ، وبلادنا بلاد لا يمكن أحدا أن يسافر منها بلاد وبر ، ولا يأمن على نفسه إن هو نزع وبره ، وليس يمكن للناس ما يمكن للأئمة عليهمالسلام فما الذي ترى أن نعمل به في هذا الباب ، قال : فرجع الجواب إلى تلبس الفنك والسمور » وكان نظر الشيخ في النهاية إلى هذا الخبر ، فجوز الصلاة في وبريهما اضطرارا ، ولا بأس به ، بل لا يبعد ذلك في جلديهما كما هو ظاهر المحكي عن الوسيلة حيث أطلق جواز الصلاة فيهما اضطرارا ، ولعله نزل أخبار الجواز على ذلك.
ومنه يعلم حينئذ أولوية تقديمهما في حال الضرورة على غيرهما مع التعارض ، وربما يشم أولوية الفنك من السمور للتصريح في كثير من النصوص (١) بالمنع منه دونه ، فلم نجد تصريحا بالمنع منه عدا ما عرفت ، وإن كان يحتمل لكثرة استعماله في ذلك الوقت ، وكيف كان فلا يجوز فيهما اختيارا وفاقا للمشهور ، بل في المفاتيح الإجماع عليه ، كما أن في الدروس والبيان ان رواية الجواز متروكة ، ولعلهما لم يفهما العمل من قول علي بن بابويه في الرسالة المتقدم آنفا ، ولا مما عن المبسوط « وردت فيهما رخصة » والأصل المنع كالخلاف ، لكن فيه والأحوط المنع ، والمراسم وردت الرخصة فيهما ، بل قد سمعت ما عن الأمالي ان من دين الإمامية الرخصة فيهما بحمل الرخصة في كلامهم على الجواز بعد النهي لضرورة لا الرخصة الاختيارية ، أو على إرادة الرواية وإن لم يفت بها ، أو أن عملهم خاصة لا يرفع المتروكية ولا يمنع الإجماع ، أو غير ذلك ، لكن من الغريب نقل هذا الاتفاق في المفاتيح فيهما دون الثعالب ، بل فيها أن منهم من كرهها ، والتتبع يشهد بخطئه في ذلك ، وعلى كل حال فرواية الجواز فيهما قاصرة عن
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب لباس المصلي ـ الحديث ٢ و ٤ و ٥.