وهذا النوع من الجمود يجعل النُّصوص غير كافلة لاستخراج الفروع الكثيرة وتصبح الشريعة ناقصة من حيث التشريع والتقنين ، وغير صالحة لجميع الأجيال والعصور ، وفاقدة للمرونة اللازمة الّتي عليها أساس خاتمية نبوّة نبيّنا محمدصلىاللهعليهوآلهوسلم وكتابه وسنتّه و ....
وهؤلاء بين السنّة كالاخباريين بين الشيعة ، غير أنّ الظاهرية ظهرت في القرن الثالث وقد عمل فيما لا نصّ فيه بالإباحة الأصليّة ، والأخباريّة ظهرت في الشيعة في القرن العاشر وهم يعملون فيما لانصّ فيه بالاحتياط.
إنّ الاكتفاء بظاهر الشريعة وأخذ الأحكام من ظواهر النصوص له تفسيران; أحدهما صحيح جدّاً ، والآخر باطل ، فإن اُريد منه نفي الظنون الّتي لم يدلّ على صحّة الاحتجاج بها دليل ، فهو نفس نصّ الكتاب العزيز. قال سبحانه : ( قُلْ ءَاللّهُ أذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ ) ( يونس / ٥٩ ) ، فالشيعة الإماميّة بفضل النصوص الوافرة عن أئمّة أهل البيت المتصلة أسنادها إلى الرسول الإكرمصلىاللهعليهوآلهوسلم استطاعت أن تستخرج أحكام الحوادث والموضوعات الكثيرة منها ، وامتنعت عن العمل بالقياس والاستحسان وغيرهما من الأدلّة الظنّية الّتي لم يقم الدليل القطعي على صحّة الاحتجاج بها ، بل قام الدّليل على حرمة العمل على بعضها كالقياس وقد ورد فى نصوص أئمّتهم عليهمالسلام : « وإنّ السنّة إذا قيست محق الدين » (١).
وإن اُريد بها لوازم الخطاب أي ما يكون في نظر العقلاء كالمذكور أخذاً بقولهم : « الكناية أبلغ من التصريح » ويكون التفكيك بينهما أمراً غير صحيح ، فليس ذلك عملاً بغير النصوص. نعم ليس عملاً بالظّاهر الحرفي ، ولكنّه عمل بها بما يفهمه المخاطبون بها.
وعلى ذلك الأساس يكون لوازم الخطاب حجّة إذا كانت الملازمة ثابتة بيّنة في نظر العقلاء الّذين هم المعنيّون بهذه الخطابات ، كادّعائها بين وجوب الشيء ووجوب
__________________
١. الوسائل ج ١٨، الباب ٦ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٠.