النار ويحللون الزواج من المحارم ، بدون دليل أو برهان سوى التقليد الأعمى للآباء ، فحاول إمامنا عليهالسلام أن يدلّهم على الطريق السوي ويوقفهم على أفق أرحب ، وأن يخرج بوعيهم من قفص التقليد :
دعا الإمام الرضا عليهالسلام الهربذ الأكبر فقال له : « زرادشت الذي تزعم أنَّه نبي ، ما حُجَّتك على نبوَّته ؟ ».
قال : إنَّه أتىٰ بما لم يأتنا به أحد قبله ، ولم نشهده ، ولكنَّ الأخبار من أسلافنا وردت علينا بأنَّه أحلَّ لنا ما لم يُحلّهُ غيره فاتَّبعناهُ.
قال عليهالسلام : « أفليس إنَّما أتتكم الأخبارُ فاتَّبعتُموه ؟! » قال : بلى.
قال : « فكذلك سائرُ الأُمم السالفة أتتهم الأخبارُ بما أتىٰ به النبيّون وأتىٰ به موسىٰ وعيسىٰ ومحمد صلوات الله عليهم ، فما عذركُم في ترك الإقرار لهم إذ كنتم إنَّما أقررتم بزرادشت من قبل الأخبار المتواترة بأنَّه جاء بما لم يجيء به غيره ؟! » فانقطع الهربذُ مكانه (١).
لقد وجد الإمام عليهالسلام أن أصحاب زرادشت تضيق عدسة الرؤية لديهم فيؤمنون بالأخبار الواردة من قبل آبائهم عن زرادشت دون غيره ، وهذا التخصيص لايستقيم على سكة العقل السَّوية ، فإذا كان منهجهم في الاعتقاد قائما على النقل عن الآباء فلماذا لا يعتمدون على ذات المنهج الذي اتبعه الأنبياء ؟! الذين جاءوا ـ كذلك ـ بما لم يجيء به غيرهم من الشرائع ،
________________
يسلم العالم إلى الشيطان سبعة آلاف سنة يحكم ويفعل مايريد. وبعد ذلك عهد أن يقتل الشيطان. وهذا الكلام غير لائق بالعقلاء (انظر : اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ، فخر الدين الرازي : ١٢٠ ، الفصل الثالث).
(١) التوحيد : ٤١٧ ـ ٤٤٠ ، باب (٦٥).