أعوام (١). وعليه يصح القول بأنه لم يعاصر مدرسة جدّه ، وقد أشرنا الى أن الإمام الصادق عليهالسلام كان يتمنى أن يدرك حفيده الرضا عليهالسلام ، مع ذلك فاننا لانتجاوز الحقيقة اذا ما ادعينا بأن الإمام الرضا عليهالسلام قد عاصر مدرسة جدّه من الناحية العلمية ، فاذا تأملنا الحقبة الزمنية التي تأسست فيها مدرسة الامام الصادق عليهالسلام في مطلع القرن الثاني الهجري ، تلك المدرسة الكبرى التي امتدّت اشعاعاتها الى عصور ما بعد التأسيس ، وانتشر شذاها الى جميع البلدان.
يقول الشيخ المفيد : نقل الناس عن الامام الصادق عليهالسلام من العلوم ما سارت به الرُّكبان ، وانتشر ذكره في البلدان ، ولم ينقل عن أحد من أهل بيته ما نُقل عنه ، ولا لقي أحدٌ منهم من أهل الآثار ونقلة الأخبار ، ولا نقلوا عنهم كما نقلوا عن أبي عبد الله عليهالسلام فإن أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرُّواة عنه من الثِّقات ، على اختلافهم في الآراء والمقالات ، فكانوا أربعةَ آلاف رجلٍ (٢).
لقد اغتنم الإمام الصادق عليهالسلام فترة الصراع الدائر بين الأمويين والعباسيين ، فشمّر عن ساعد الجدّ ، وقام بجهد علمي كبير من أجل التعريف بعلوم أهل البيت عليهمالسلام ، وغدا مظلّة رحبة يأوى اليها طلاب العلم والمعرفة الحقّة.
ولما قوي ساعد العباسيين وخلا لهم الجو بعد انتصارهم على الأمويين ، استشعروا الخطر المحدق بهم من العلويين هذه المرّة ، فأخذوا
________________
(١) أعيان الشيعة ٢ : ١٢.
(٢) الارشاد ج ٢ : ١٧٩.