الثانية :
عن معمر بن خلّاد قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليهالسلام يقول : « ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم ، إنّما العبادة التفكّر في أمر الله عزَّوجلَّ » (١) ، فإمامنا يقدم في مفهومه للعبادة الفكر والعقل لكونه أصل في الاعتقاد السليم ، أما الشعائر وأعمال الجوارح فهي تابع للعقل والاعتقاد ومتفرعة عليه. ومن هنا كانت عبادة أكثر المقربين إلىٰ أهل البيت عليهمالسلام كأبي ذرّ وعمّار وسلمان وغيرهم (رضي الله عنهم) مقرونة بالتفكّر والاعتبار ، وقد سألوا أم ذرّ يوماً عن عبادته ، فقالت : « كان نهاره أجمع يتفكّر في ناحية من الناس » (٢).
من جانب آخر يركز إمامنا عليهالسلام على الإخلاص في العبادة لكونها تنطلق من بواعث ذاتية ، كالنية ، وبدونها يفسد العمل العبادي كما تُفسد قطرة الخل العسل. وفي هذا الخصوص يروي الرضا عليهالسلام عن جده أمير المؤمنين عليهالسلام قوله : « طوبى لمن أخلص لله العبادة والدُّعاء ، ولم يشغل قلبه بما تراه عيناه ، ولم ينسَ ذكر الله بما تسمع أذناه ، ولم يحزن صدره بما اُعطي غيره » (١).
ضمن هذا السياق يعرض لنا إمامنا عليهالسلام أسلوبين لتقوية العلاقة مع الخالق ، هما :
________________
(١) اُصول الكافي ٢ : ٥٥ / ٤ باب التفكّر.
(٢) تنبيه الخواطر / الأمير ورّام ١ : ٢٥٠ باب التفكّر.
(٣) اُصول الكافي ٢ : ١٣ / ٣ باب الاخلاص ، كتاب الإيمان والكفر.