ـ يقصد هارون ـ فقال
: «
ليجتهد جهده فلا سبيل له عليّ »
(١). ومن هنا يبدو متوقعاً أن العباسيين سوف
يضعون الإمام عليهالسلام
في دائرة الضوء ، يراقبون تحركاته ، ويحصون أقواله وأفعاله ، ونتيجة لذلك تظاهر الامام عليهالسلام
بالانصراف عن الشؤون العامة والانشغال عن مناوئة السلطة ، وأوحى لها باهتمامه بشأنه الخاص وفق أسلوب بارع تنقله الرواية التالية ، عن أبي الحسن الطيب ، قال : لمّا توفّي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام
دخل أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليهالسلام
السوق ، فاشترى كلباً وكبشاً وديكاً ، فلما كتب صاحب الخبر الى هارون بذلك ، قال : قد أمنا جانبه. وكتب الزبيري أن علي بن موسى الرضا قد فتح بابه ودعا الى نفسه ، فقال هارون : واعجباً من هذا ! يكتب أن علي بن موسى قد اشترى كلباً وكبشاً وديكاً ، ويكتب فيه ما يكتب (٢). ويبدو أن مناورة الإمام هذه هي حالة
امتصاص بارعة للضغوط والمراقبة الشديدة التي يتعرض لها من « هارون » وجواسيسه ، لم يكتب لها النجاح طويلاً فسرعان ما أدركت السلطة أن الإمام عليهالسلام
لا يتوانىٰ ولا يستكين ولا يكف عن كشف زيف العباسيين والمظالم التي يرتكبونها باسم الدين ، وكان من الطبيعي أن تثور ثائرتهم ، فلم يتركوه طليق اليدين. وبعد هلاك هارون ونشوب الخلاف الدموي
بين ولديه الأمين والمأمون أصبح الطريق سالكاً أمام الإمام عليهالسلام
فوجد الفرصة سانحة له بعض الشيء للقيام بدور فعال في إحياء ما دثر من مآثر الإسلام الخالدة ، ________________ (١)
عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٤٦ ، ح ٤ ،
الباب (٥٠). (٢)
عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٢٢ ، ح ٤ ، الباب
(٤٧).