فالقائل بامتناع اجتماع الأمر والنهي لا يلزمه التقييد واخراج المجمع عن اطلاق الامر فيما إذا كان النهى تنزيهيا ، كما كان يلزمه فيما كان النهى تحريميا ، للمنافاة بين الرخصة في اتيان الفرد المستفادة من اطلاق الامر ، وعدم الرخصة فيه المستفاد من اطلاق النهى ، كما عرفت.
ولا يتوهم : ان القائل بالامتناع ، انما يقول به لأجل لزوم تعلق الامر بعين ما تعلق به النهى ، ومع العينية لا يفرق الحال بين ما إذا كان النهى تحريميا أو كان تنزيهيا ، لثبوت المضادة بين جميع الأحكام الخمسة.
وذلك : لان المراد من حديث العينية ، ليس هو ان المأتى به من الفرد هو عين ما تعلق به الأمر والنهي ، لوضوح ان الامر لم يتعلق بالمأتى به ، بل تعلق الامر بالطبيعة بما انها مرآة لما في الخارج ، ويكون المأتى به مما ينطبق عليه الطبيعة بمقتضى اطلاقها. وقد عرفت : ان الاطلاق لا يقتضى أزيد من الرخصة في كل فرد مع جواز تركه إلى بدل ، لمكان كون الافراد متساوية الاقدام في انطباق الطبيعة على كل منها. والنهى التحريمي يوجب دفع هذا التساوي ، والا لزم اجتماع الرخصة واللارخصة ، والنهى التنزيهي لا يرفع هذا التساوي لبقاء الرخصة على حالها ، فتأمل جيدا. فإنه لا يخلو عن دقة ولطافة.
هذا إذا كان بين متعلق الأمر والنهي التنزيهي العموم من وجه.
واما القسم الثاني :
وهو ما إذا كان بين المتعلقين العموم المطلق ، كصل ، ولا تصل في الحمام ، فالكلام فيه هو الكلام في القسم السابق ، لما عرفت سابقا : من أن القسم السابق بناء على الامتناع يكون من صغريات مسألة النهى عن العبادة ، وقد عرفت ان النهى التنزيهي عن العبادة لا يقتضى التقييد وليس كالنهي التحريمي. ففي مثل قوله : صل ، ولا تصل في الحمام ، يكون كل من الامر الوجوبي والنهى التنزيهي على حاله ، حيث إن الامر الوجوبي باطلاقه يقتضى الرخصة في الصلاة في الحمام. والنهى التنزيهي لا ينافي هذه الرخصة ، ولا يلزم أيضا اتحاد متعلق الامر الوجوبي والنهى التنزيهي وعينية أحدهما للآخر ، حتى يلزم اجتماع الضدين ، فان الامر الوجوبي