ولا يخفى أنّ في إيراد الصدوق لها مزية ظاهرة ، وقال أيضاً ما هذا لفظه : وروى أنّ البكاء على الميت يقطع الصلاة ، والبكاء لذكر الجنة والنار من أفضل الأعمال (١). ولا يبعد اعتماده على الرواية ، وهي مضمون رواية أبي حنيفة المبحوث عنها فيقرب صحتها ويندفع بعض ما أشرنا إليه سابقاً ، فيتأمّل.
ومن هنا يعلم أنّ ما قاله شيخنا قدسسره في فوائد الكتاب على رواية أبي حنيفة : من أنّها ضعيفة السند ، فيشكل التعويل عليها في إثبات هذا الحكم ، وكيف كان فينبغي أن يراد بالبكاء المبطل ما كان معه انتحاب وصوت لا مجرد خروج الدمع اقتصاراً على موضع الوفاق إن تم.
محل بحث ، أمّا أوّلاً : فلما قدّمناه من احتمال صحة الرواية. وأمّا ثانياً : فلأنّ الاشتمال على الصوت في البكاء للآخرة غير مسلّم الإبطال ( به ، ودعوى الإجماع فيها لم أقف عليه.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ جدّي قدسسره ذكر في مثال البكاء ) (٢) للأُمور الدنيوية ذهاب المال وفقد المحبوب (٣) ، وربما نوقش بأنّ البكاء لذهاب المال قد يؤول إلى أمر الآخرة ، وكذلك فقد المحبوب. وقد يقال باعتبار الحيثية.
وذكر العلاّمة في الأدلة لجواز البكاء للأُمور الأُخروية قوله تعالى في وصف المؤمنين ( إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا ) (٤) ونقل رواية عن الجمهور : إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يصلّي وبصدره
__________________
(١) انظر الفقيه ١ : ٢٠٨ / ٩٤١ ، الوسائل ٧ : ٢٤٧ أبواب قواطع الصلاة ب ٥ ح ٢.
(٢) ما بين القوسين ساقط عن « رض ».
(٣) انظر الروضة البهية ١ : ٢٣٤.
(٤) مريم : ٥٨.