ويراد بالانحراف بالوجه إلى وراء ، لأنّ القبلة أمرها متسع كما يظهر من الأخبار ، وحينئذٍ فالانحراف لمجرد اليمين واليسار يمكن ادعاء الانحراف به عن القبلة ، وفيه تأمّل ، لاحتمال إبقاء الشرط على ظاهره ، وعمل المفهوم عمله إنما هو بما قدمناه ، فاحتمال البطلان بمجرد اليمين واليسار ممكن ، لكن المشهور ما ذكرناه أوّلاً.
وربما يقال : إنّ الخبر الثاني يدل على التحريم من حيث النهي ، والمشهور الكراهة ، والخروج به عن المشهور كالخروج بالثالث ، إلاّ أنْ يقال : إنّ النهي في الثاني يحتمل الكراهة بمعونة ذكره نقض الأصابع ، وفيه نوع تأمّل ؛ لعدم المانع من خروج النهي في الأصابع عن الحقيقة وبقاء غيره ، وفيه بُعد لا يخفى.
ولا يذهب عليك أنّ ما ذكرناه على تقدير عدم العمل بالرابع ، أمّا لو عمل به قرب حمله على الالتفات اليسير ، أمّا حمل الشيخ ففيه نظر ؛ لتضمن الخامس اعتبار كون الالتفات فاحشاً ، ويمكن ادعاء تحققه في اليمين واليسار ، وادعاء الشيخ أنّه يزيد ما ذكره بياناً فيه ما فيه.
وينبغي أنْ يعلم أنّ الخبر المذكور في الفقيه تضمن ما هذا لفظه :
قال : قلت : أين حدّ القبلة؟ قال : « ما بين المشرق والمغرب قبلة كله » قال : قلت : فمن صلّى لغير القبلة ، أو في يوم غيم في (١) غير الوقت؟ قال : « يعيد » (٢) ثم قال : وفي حديث (٣) ، إلى آخره (٤). وهذا كما ترى يشعر
__________________
(١) في الفقيه ١ : ١٨٠ / ٨٥٥ : وفي.
(٢) الفقيه ١ : ١٨٠ / ٨٥٥.
(٣) في « فض » : ثم قال قال وفي الحديث ، وفي « م » : ثم قال قال وفي حديث.
(٤) الفقيه ١ : ١٨٠ / ٨٥٦.