وأمّا الثالث : فقد مضى فيه إجمال قول ، وهو أنّ السيلان فيه محتمل لأن يراد به خروج الدم (١) ، لا خروجه مع تعدي محله ، لينافي ما دل على عدم العفو عن الدم الموجود في أثناء الصلاة.
وممّا يؤيد الاحتمال أنّ السيلان لو أُريد به تعدي المحل فعدم العفو عنه على الإطلاق غير واضح ، بل إذا لم يصل إلى حدٍ لا يُعفى عنه لا مانع منه ، على تقدير القول بشمول العفو للموجود في أثناء الصلاة ، وإذا عدل عن ظاهر الخبر لا مانع من الحمل على إرادة عدم الخروج.
فإن قلت : يجوز أنْ يراد بتخوف السيلان زيادته عن مقدار ما يعفى عنه ، لغيره من الأخبار الدالة على اعتبار المقدار ، أمّا حمله على عدم الخروج فالمعارض له ليس إلاّ أخبار الرعاف ، وقد تقدم فيها احتمال تضعف بسببه عن المعارضة ، وبتقدير دفع الاحتمال يجوز اختصاص الرعاف بالحكم.
قلت : أمّا الأخبار الدالة على العفو فتناولها لما يحصل في الأثناء محل كلام ، وبتقدير الظهور فالأخبار الواردة في الرعاف ، وهذا الخبر ، سيّما السؤال الثاني فيه ظاهرة في عدم العفو عن المتجدد في الأثناء ، وحينئذٍ لا مانع من التخصيص لذلك الظاهر.
أمّا احتمال اختصاص الرعاف فلا أعلم القائل به ، والسؤال الثاني في الخبر المبحوث عنه وإن أفاد أنّ للرعاف حكماً خاصاً من حيث تضمنه إعادة الصلاة من دم الشجّة مطلقاً ، والحال أنّ الرعاف ليس كذلك ، بل فيه التفصيل ، إلاّ أنّه يحتمل أن يكون مقيداً بالانحراف ، وعدم الكلام لا يستلزم
__________________
(١) في ص ٢٠٣٧.