والعجب من العلاّمة في المختلف أنّه نقل عن الشيخ في المبسوط ، أنّه عزى إلى بعض الأصحاب القول بنجاسة القيء ، ثم احتجّ للقول بالنجاسة بالقياس على الغائط والدم ، بجامع كون كل منهما غذاءً متغيراً خرج من آدمي (١) ، ثم زاد في التوجيه بما تركه أولى من ذكره ، وقد ذكرته في كتاب معاهد التنبيه على كتاب من لا يحضره الفقيه.
وأعجب من ذلك أنّ الوالد قدسسره في المعالم نقل حديثاً رواه الشيخ عن عثمان بن عيسى ، عن أبي هلال ، تضمن أنه يجزئ من الرعاف والقيء أن يغسله ولا يعيد الوضوء ، ثم قال قدسسره : فيمكن أن يحتج للقول بالنجاسة بالأمر بالغسل ، وجوابه المطالبة بصحة السند أوّلاً ، والحمل على الاستحباب ثانياً ، ثم ذكر قدسسره روايتين آخرتين غير صحيحتين (٢) ، ولم يتعرض لما ذكرناه.
وفي النظر القاصر إمكان الجواب عن رواية الصدوق بأنّ قوله عليهالسلام : « والقيء مثل ذلك » يحتمل أن يريد به عدم الالتفات ، ومع قيام الاحتمال فأصالة الطهارة لا يخرج عنها. أمّا الخبر الأوّل المبحوث عنه هنا فهو مجمل كما لا يخفى.
فإن قلت : ما تضمنه خبر الصدوق من قوله : « فإن لم يجد الماء حتى يلتفت » إلى آخره. صريح في أنّ دم الرعاف غير معفو عنه في الأثناء ، فلا يتم ما قدّمته من الاحتمال.
قلت : يحتمل أن يكون قوله : « فإن لم يجد الماء حتى يلتفت » يراد به أنّه لو تحقق الالتفات أعاد الصلاة ، لا أنّ الالتفات لازم ليتم الإشكال ،
__________________
(١) المختلف ١ : ٣٠٢.
(٢) معالم الفقه : ٢٧٤.