ولعلّ المراد الكراهة وجواز الفعل من دون كراهة للضرورة ، وفيه ما فيه.
أمّا ما ينقل في الاستدلال للمنع من الصلاة داخل الكعبة ـ مع إجماع الشيخ المدعى في الخلاف ـ بقوله تعالى ( فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) (١) وإنّما يصدق ذلك إذا كان خارجا ؛ ولرواية غير صالحة سندا ومتنا وهي : عن أسامة أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دخل البيت ودعا وخرج فوقف على بابه وصلّى ركعتين ، وقال : « هذه القبلة » وأشار إليها (٢) ، وإشارته إلى نفس البيت يقتضي بطلان الصلاة داخله ، ولاستلزام الصلاة في داخله استدبار القبلة.
ففيه تأمّل :
أمّا الإجماع فكيف يثبت مع مخالفة المدّعي نفسه.
وأمّا الآية الشريفة فالظاهر منها اعتبار الجهة وهي للبعيد ، أمّا القريب فقبلته العين ، واعتبار مجموع العين لا وجه له مع صحة صلاة المصلّي إلى جزء من العين ، إلاّ أن يقال : إنّ ثبوت العين بالإجماع ، فلا يتم في محل النزاع ، على أنّ الآية الشريفة ظاهرها استقبال الجهة مطلقا ، لكن لا أعلم القائل به ، وعلى تقدير الظاهر تشكل الصلاة داخل الكعبة المشرفة من الآية.
وأمّا ما ذكر من استدبار الكعبة فأثره (٣) سهل.
أمّا ما قاله بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ : من حمل الخبر الأخير على حال الضرورة أو صلاة النافلة أي نافلة المكتوبة (٤) ، فمن البعد بمكان ؛ واحتمال الكراهة وانتفاؤها بالضرورة ممكن ، والاحتياط مطلوب.
__________________
(١) البقرة : ١٥٠.
(٢) الخلاف ١ : ٤٣٩.
(٣) ليست في « رض » ، والأنسب : فأمره.
(٤) البهائي في الحبل المتين : ١٥٨.