أينما توجه إذا لم يعلم أين وجه القبلة » (١). والفرق بين العبارتين ظاهر ، فإنّ ما نقله الشيخ يدل بظاهره على إجزاء الاجتهاد المعبّر عنه بالتحرّي إذا لم تعلم القبلة ، وعبارة رواية الصدوق تفيد أنّ المتحيّر ـ وهو من لم يعلم ويظنّ جهة القبلة ـ يجزؤه كيف ما توجّه.
وربما يؤيد رواية الصدوق أنّه روى أيضا في الصحيح عن معاوية بن عمّار ، عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : « نزلت هذه الآية في قبلة المتحير ( وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) (٢) » الآية (٣).
وعلى هذا فالخبر المبحوث عنه المتضمن للصلاة إلى أربع جهات يمكن حمله على الأكملية كما تقدم ، ولو نظرنا إلى روايتي الصدوق أمكن أن يقال : إنّ من لم يعلم (٤) القبلة تخيّر أيّ جهة شاء ، وعلى رواية الشيخ يراد أنّ الظنّ كاف في العبادة إلى أيّ جهة شاء ، وحينئذ لا بد من حمل الخبر الأوّل على عدم الظنّ فلا تنافي.
وحمل الشيخ على الضرورة محل تأمّل : أمّا أولا : فلأنّ مفاد الخبر الأوّل من المنافيين إجزاء التحرّي أبدا ( مع عدم العلم ) (٥) وظاهر (٦) أنّ المراد به الاجتهاد في القبلة ، أما الصلاة ( إلى أربع ) (٧) فلا يدل عليها الخبر ، ولو دل على الجهة لأفاد أنّ الاجتهاد كاف في الصلاة إلى جهة ، والخبر
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٧٩ / ٨٤٥ ، الوسائل ٤ : ٣١١ أبواب القبلة ب ٨ ح ٢.
(٢) البقرة : ١١٤.
(٣) الفقيه ١ : ١٧٩ / ٨٤٦ ، الوسائل ٤ : ٣١٤ أبواب القبلة ب ١٠ ح ١.
(٤) في « د » : لم يظن.
(٥) ما بين القوسين ليس في « رض ».
(٦) في « رض » و « د » زيادة : الخبر.
(٧) في « د » : إلى جهة أو أربع.