ولحسن مزيده موجبا ، ونستعين به استعانة راج لفضله ، مؤمل لنفعه ، واثق بدفعه ، معترف له بالطول ، (١) مذعن له بالعمل والقول ، ونؤمن به إيمان من رجاه موقتا؟ ، وأناب إليه مؤمنا ، وخنع له مذعنا وأخلص له موحدا ، وعظمه ممجدا ، ولاذبه راغبا مجتهدا ، لم يولد سبحانه فيكون في العز مشاركا ، ولم يلد فيكون موروثا هالكا ، ولم يتقدمه وقت ولازمان ، ولم يتعاوره زيادة ولانقصان ، بل ظهر للعقول بما أرانا من علامات التدبير المتقن والقضاء المبرم ، فمن شواهد خلقه خلق السموات موطدات بلاعمد ، قائمات بلاسند ، دعاهن فأجبن طائعات مذعنات ، غير متلكئات ولامبطئات ، (٢) ولولا إقرار هن له بالربوبية وإذعانهن بالطواعية لما جعلهن موضعا لعرشه ، ولامسكنا لملائكته ، ولامصعدا للكلم الطيب والعمل الصالح من خلقه ، جعل نجومها أعلاما يستدل بها الحيران في مختلف فجاج الاقطار لم يمنع ضوء نورها إدلهمام سجف الليل المظلم ، ولا استطاعت جلابيب (٣) سواد الحنادس أن ترد ما شاع في السموات من تلالؤ نور القمر ، فسجان من لايخفى عليه سواد غسق داج ، ولاليل ساج في بقاع الارضين المتطاطئات ، ولافي يفاع السفع المتجاورات ، وما يتجلجل به الرعد في افق السماء ، وما تلاشت عنه بروق الغمام ، وما تسقط من ورقة تزيلها عن مسقطها عواصف الانواء وانهطال السماء ، ويعلم مسقط القطرة ومقرها ، و مسحب الذرة ومجرها ، وما يكفي البعوضة من قوتها ، وما تحمل الانثى في بطنها. والحمد لله الكائن قبل أن يكون كرسي أو عرش او سماء أو أرض أو جان أو إنس ، لايدرك بوهم ، ولايقدر بفهم ، ولا يشغله سائل ، ولا ينقصه نائل ، ولا ينظر بعين ، ولايحد بأين ، و لا يوصف بالازواج ، ولا يخلق بعلاج ، ولا يدرك بالحواس ، ولا يقاس بالناس ، الذي كلم موسى تكليما ، وأراه من آياته عظيما ، بلا جوارح ولا أدوات ، ولانطق ولالهوات بل إن كنت صادقا أيها المتكلف لوصف ربك فصف جبرئيل وميكائيل وجنود الملائكة المقربين في حجرات القدس مرجحنين ، متولهة عقولهم أن يحدوا حسن الخالقين ، و
___________________
(١) الطول بفتح الطاء : الفضل.
(٢) التلكؤ الاعتلال. وعن الامر : التباطوء والتوقف.
(٣) الجلابيب : القميص او الثواب الواسع. وفى المغرب : ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء.