سميع لا بآلة ، بصير لابأداة ، لاتحويه الاماكن ، ولا تصحبه الاوقات ، (١) ولاتحده الصفات ، ولا تأخذه السنات ، (٢) سبق الاوقات كونه ، والعدم وجوده ، والابتداء أزله ، بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له ، وبتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له ، وبمضاد ته بين الاشياء عرف أن لا ضد له ، وبمقارنته بين الاشياء عرف أن لاقرين له ، ضاد النور بالظلمة ، والجسوء بالبلل ، (٣) والصرد بالحرور ، مؤلف بين معتادياتها ، مفرق بين متدانياتها ، دالة بتفريقها على مفرقها ، وبتأليفها على مؤلفها ، وذلك قوله عزوجل : «ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون» ففرق بها بين قبل وبعد ليعلم أن لاقبل له ولابعد ، شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها ، مخبرة بتوقيتها أن لاوقت لموقتها ، حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لاحجاب بينه وبين خلقه غير خلقه ، كان ربا ولامربوب ، وإلها ولامألوه ، وعالما إذ لامعلوم ، وسميعا إذلامسموع. ثم أنشأ يقول : (٤)
ولم يزل سيدي بالحمد معروفا |
|
ولم يزل سيدي بالجود موصوفا |
وكان إذ ليس نور يستضاء به |
|
ولا ظلام على الآفاق معكوفا |
فربنا بخلاف الخلق كلهم |
|
وكل ما كان في الاوهام موصوفا |
ومن يرده على التشبيه ممتثلا |
|
يرجع أخا حصر بالعجز مكتوفا |
وفي المعارج يلقى موج قدرته |
|
موجا يعارض طرف الروح مكفوفا |
فاترك أخا جدل في الدين منعمقا |
|
قد باشر الشك فيه الرأي مأووفا |
واصحب أخاثقة حبا لسيده |
|
وبالكرامات من مولاه محفوفا |
أمسى دليل الهدى في الارض مبتسما (٥) |
|
وفي السماء جميل الحال معروفا |
___________________
(١) أى لا يلازمه الاوقات ولا تكون معه سبحانه. وفى الكافي : لا تضمنه الاوقات أى لا تشتمل عليه.
(٢) جمع السنة بكسر السين : فتور يتقدم النوم.
(٣) في الكافي يس : واليبس بالبلل والخشن باللين والصرد بالحرور. والجسوء والجسء : الماء الجامد.
(٤) الاشعار من أحسن الدليل على ان الخلقة غير منقطعة من حيث أولها كما أنها كذلك من حيث آخرها. ط
(٥) في نسخة من الكتاب والتوحيد المطبوع : في الارض منتشرا.