الحجاب ، (١) فالحجاب بينه وبين خلقه ، لامتناعه مما يمكن في ذواتهم ، ولامكان ذواتهم مما يمتنع منه ذاته ، ولافتراق الصانع والمصنوع ، (٢) والرب والمربوب ، والحاد والمحدود ، أحد لابتأويل عدد ، (٣) الخالق لا بمنى حركة ، السميع لابأداة ، البصير لا بتفريق آلة ، الشاهد لابمماسة ، البائن لاببراح مسافة ، (٤) الباطن لاباجتنان ، الظاهر لابمحاذ ، الذي قد حسرت دون كنهه نوافذ الابصار ، وأقمح وجوده جوائل الاوهام ، (٥) أول الديانة معرفته ، وكمال المعرفة توحيده ، وكمال التوحيد نفي الصفات عنه ، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف ، وشهادة الموصوف أنه غير الصفة ، وشهادتهما جميعا على أنفسهما بالبينة ، الممتنع منها الازل ، (٦) فمن وصف الله فقد حده ، ومن حده فقد عده ، ومن عده فقد أبطل أزله ، ومن قال : كيف فقد استوصفه ، ومن قال : علام فقد حمله ، ومن قال : أين فقد أخلي منه ، ومن قال : إلام فقد وقته ، عالم إذ لامعلوم ، وخالق إذ لامخلوق ، ورب إذ لامربوب ، وإله إذ لامألوه ، وكذلك يوصف ربنا وهو فوق ما يصفه الواصفون.
توضيح : لا أمد أي أزلا ، ولا غاية أي أبدا. قوله : وبين خلقه وفي «في» بعد ذلك : خلقه إياهم لامتناعه وهو أظهر ، والمعنى على ما في الكتاب أن ليس احتجابه إلا لهذه الوجوه وقد مر تحقيقها مرارا (٧) قوله : مما يمتنع كلمة «من» صلة أو تبعيضية.
قوله عليهالسلام : لا بتفريق آلة أي بفتح العين أو بعث الاشعة وتوريعها على المبصرات على القول بالشعاع ، أو تقليب الحدقة وتويجهها مرة إلى هذا المبصر ومرة إلى ذاك ، كما يقال :
___________________
(١) في الكافى : لاتحجبه الحجب ، والحجاب بينه وبين خلقه خلقه اياهم. وفى النهج : لاتحجبه التواتر.
(٢) في الكافى : من المصنوع. وكذا في الجملتين اللتين بعده.
(٣) في الكافي : الواحد بلا تأويل عدد.
(٤) في الكافي : والظاهر البائن لا بتراخى مسافة ، أزله نهيه لمجاول الافكار ، ودوامه ردعه لطامحات العقول ، قد حسر كنهه نوافذ الابصار ، وقمح وجوده جوائل الاوهام.
(٥) في التوحيد المطبوع : وامتنع وجوده.
(٦) في التوحيد المطبوع : الممتنع فيها الازل.
(٧) بأنه خالق برئ عن الامكان ولوازمه وأنهم مخلوقة ممكنة ، قاصرة عن نيل الوصول إلى ذاته وصفاته فالحجاب بينه وبين خلقه قصورهم وكماله.