فاقتصر على ذلك ولا تقدر عظمة الله سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين ( ١). تبيان قوله : فغضب لعل غضبه عليهالسلام لان السائل سأل عن الصفات الجسمانية والسمات الامكانية ، أو لانه ظن أنه يمكن الوصول إلى كنه صفته.
وقوله : الصلاة منصوب بفعل مقدر أي احضروا الصلاة أو أقيموها. وجامعة منصوب على الحال من الصلاة ، ويحتمل رفعهما بالابتدائية والخبرية. وغص المسجد بفتح الغين أي امتلا. قوله عليهالسلام : لا يفره أي لايزيده في ماله ، يقال : وفرت الشئ وفرا ووفر الشئ نفسه وفورا ، يتعدى. قوله : ولا يكديه أي لا يفقره. قوله : منتقص على صيغة المفعول أي منقوص ، ويكون الانتقاص متعديا ولازما كالنقص ، وقال الجزري : الملئ بالهمزة : الثقة الغني ، والعائدة : المعروف.
قوله عليهالسلام : عيالة الخلق أي كونهم عياله يعولهم ويرزقهم ، ومن قولهم : عال الرجل عيالة أي كثر عياله ، وفي النهج : عياله الخلائق ضمن أرزاقهم. قوله عليهالسلام : فليس بماسئل فإن جوده لا يتوقف على شئ سوى الاستحقاق والاستعداد ، وهذا لا ينافي الحث على الدعاء والامر بالسؤال ، فإن الدعاء من متممات الاستعداد ، وفيه تنزيه له تعالى عن صفة المخلوقين لان السؤال محرك لجودهم ، والله تعالى منزه عن أن يكون فيه تغير أو اختلاف ، وإنما التغير في الممكن القابل للفيض والجود بحسب استعداده و استيهاله.
قوله عليهالسلام : وما اختلف عليه دهر إشارة إلى ما قالوا : من أن الزمان ظرف المتغيرات ، ولما لم يكن فيه تعالى تغير لا تختلف عليه الدهور والازمان ، ويحتمل أن يكون المراد نفي اختلاف الازمنة بالنسبة إليه بأن يكون موجودا في زمان ، معدوما في زمان آخر ، أو عالما في زمان جاهلا في زمان آخر وهكذا ، والاول أظهر.
قوله : ما تنفست عنه لا يخفى مناسبته لما قيل : من أن المعادن تتولد من بخارات الارض ، ولا يخفى أيضا لطف تشبيه الصدف بالفم ، والدر بالسن ، واللحمة التي في
___________________
(١) روى العياشى ذيل الحديث عن مسعدة بن صدقة باختلاف في ألفاظه ، وأخرجه المصنف في أول باب النهى عن التفكر في ذات الله سابقا مع بيان فراجعه.