وقال صاحب السماحة آیة الله الشیخ لطف الله الصافی دام ظله نعم : لو قال : لقد رضی الله عنه الذین بایعوک ، تشمل کل من بایعه کائنا من کان ، وإن شک فی إیمانه ، ولکن لا یجوز التمسک به فیمن شککنا فی أصل بیعته ، کما لا یثبت إیمان من شککنا فی إیمانه بقوله :
ولقد رضی الله عن المؤمنین.
وهذا کلام متین فی غایة المتانة
وأیضاً هذه الآیة لا تدل على حسن خاتمة أمر جمیع المبایعین المؤمنین . وإن فسق بعضهم ، أو نافق . لأنها لا تدل على أزید من أنّ الله تعالى رضی عنهم ببیعتهم هذه، أی قبل عنهم هذه البیعة ، ویثیبهم علیها، وهذا مشروط بعدم إحداث المانع من قبلهم .
والحاصل : إن اتصاف الشخص بکونه مرضیّاً لا یکون إلا بعمله المرضی ، والعامل لا یتصف بنفسه بهذه الصفة ، فهذه الصفة تعرض على الشخص بواسطة عمله. فإذا صدر عنه الفعل الحسن ، والعمل المرضی ، یوصف العامل بهذه الصفة أیضاً ، ولا دلالة للآیة على أن من رضی الله عنه بواسطة عمله یکون مرضیّاً طول عمره ، وإن صدرت منه المعاصی الموبقة بعد ذلک ، ورضا الله
تعالى عن أهل بیعة الحدیبیة لیس مستلزماً لرضاه عنهم إلى الأبد. والدلیل على ذلک قوله تعالى فی هذه السورة فی شأن أهل البیعة ،
وتعظیمها :
إن الذین یبایعونک ، إنّما یبایعون الله ، ید الله فوق أیدیهم ، فمن نکث فإنّما ینکث على نفسه ، ومن أوفى بما عاهد علیه الله فسیؤتیه أجراً عظیماً.
فلو لم یجز أن یکون فی المبایعین من ینکث بیعته ، وکان رضا الله
- ط مصر، موطأ الإمام مالک : ٤٦٢/٢ باب الشهداء فی سبیل الله ، الحدیث رقم ٣٢. تحقیق محمد فؤاد عبد الباقی