كيف لا ؟ وقد مرّ ويأتي في كثير من الصحابة من الذموم التي لا يمكن إنكارها ولا توجيهها ، حتّى أنّه يظهر منها أنّ المراد بالصحابة في هذه المواضع هم الخواصّ منهم ، كعليّ عليهالسلام ونظرائه ممّن بقي على الحالة التي كان عليها في زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله .
وممّا يشهد ، بل ينادي بما في هذا المقام ما رواه ابن مردويه والخوارزمي في كتابيهما ، وكذا رواه أبو الفرج المعافى بن زكريّا (١) شيخ البخاري ، كلٌّ بإسناده : عن سلمان وأبي ذرّ والمقداد ، قالوا : كنّا قعوداً عند رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ما معنا غيرنا ، إذ أقبل ثلاثة رهط من المهاجرين البدريّين ، فقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : «تفترق اُمّتي بعدي ثلاث فِرَق : فرقة أهل حقّ لا يشوبونه بباطل ـ وفي رواية : لا يشوبه باطل ـ مَثلهم كمثل الذهب كلّما فتنته بالنار ازداد جودةً وطيباً ، وإمامهم هذا لأحد الثلاثة ، وهو الذي أمر اللّه به في كتابه : ( إِمَامًا وَرَحْمَةً ) (٢) .
وفرقة أهل باطل لا يشوبونه بحقّ ـ وفي رواية : لا يشوبه حقّ ـ مَثلهم كمثـل خبث الحديث كلّما فتنته بالنار ازداد خبثاً ، وإمامهم هذا لأحـد الثلاثة .
__________________
(١) الموجود في كتب التراجم هو المعافى بن زكريّا بن يحيى الجريري النهرواني ، يكنّى أبا الفرج ، قاض ، من الأدباء الفقهاء ، له شعر حسن ، ولي القضاء ببغداد نيابة عن ابن صنبر ، وقيل له : الجريري ؛ لأنّه كان على مذهب ابن جرير الطبري ، وله كتب منها : التفسير ، والجليس والأنيس ، والتحرير والنقر ، مات سنة ٣٩٠ هـ بالنهروان.
ولا يمكن أن يكون هذا المترجم له شيخاً للبخاري بعد ملاحظة سنة الوفاة .
انظر : تاريخ بغداد ١٣ : ٢٣٠ / ٧١٩٩ ، الفهرست لابن النديم : ٢٩٢ ، وفيات الأعيان ٥ : ٢٢١ / ٧٢٦ ، سير أعلام النبلاء ١٦ : ٥٤٤ / ٣٩٨ .
(٢) سورة الأحقاف ٤٦ : ١٢ .