يتقوّلوا في ذلك الأقاويل ، كادّعاء الرافضة الوصيّة وغير ذلك (١) .
وهو أيضاً كغيره ؛ إذ لا أقلّ من إمكان علاج هذا بأن يأمر بقراءته على الناس ولو على المنبر ، ونحو ذلك .
وأمّا ما نسبه إلى الرافضة ، فقد تبيّن ـ ويظهر أيضاً في محلّه ـ أنّه ليس بتقوّلٍ ، كما يقوّل هؤلاء القوم بأنّه أراد أن يكتب خلافة أبي بكر ، كما ذكرناه مع بيان سخافته ، بل هو ممّا دلّ الدليل عليه ، وأخبر به كلّ أهل البيت وغيرهم حتّى عمر ، كما مرّ آنفاً .
هذا ، مع أنّه قد ذكر النووي في شرح صحيح مسلم ، وكذا القاضي عياض : أنّ طائفة من العلماء ذكروا في توجيه منع عمر : أنّه لم يكن ردّاً على النبيّ ؛ لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يبدأ هو بالأمر بذلك ، بـل بعض أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله طلب منه كتابة الكتاب ، فأجابه بما قال ، فمنعه عمر من الإجابة ؛ لبعض هذه الوجوه التي مرّت ، فقبل كلامه (٢) ، ويظهر من كلام بعض منهم أنّ الطالب له كان العبّاس .
ولا يخفى أنّه أيضاً وإن كان توجيهاً ظاهر السخافة ؛ لما مرّ في قباحة الردّ مطلقاً ، وسخافة كلّ الوجوه المذكورة إلاّ أنّه يؤيّد إرادة الوصيّة ؛ إذ في أخبار القوم أيضاً ما يدلّ على أنّ العبّاس كان يسعى أن يصدر من النبيّ صلىاللهعليهوآله تصريح بالأمر ، وكان يقول ما يدلّ على سوء ظنّه بالناس حتّى كان يقول لعليّ عليهالسلام : أنت بعد ثلاث عبد العصا (٣) .
__________________
(١) الشفا للقاضي عياض ٢ : ٤٣٦ .
(٢) انظر : شرح صحيح مسلم للنووي ١١ : ٩٣ ، الشفا للقاضي عياض ٢ : ٤٣٦ ـ ٤٣٧ .
(٣) المصنّف لعبد الرزّاق ٥ : ٤٣٥ / ٩٧٥٤ ، الطبقات الكبرى ٢ : ٢٤٥ ، الأدب المفرد : ٣٧٣ / ١١٣٣ ، صحيح البخاري ٦ : ١٥ ، تاريخ الطبري ٣ : ١٩٣ ، السقيفة