١ ــ أنّ القرآن حيّ لا يموت.
٢ ــ أنّ القرآن يجري في الباقين كما جرى في الماضين.
و المراد أنّ أحكام القرآن، سواء الأحكام الشرعيّة ــ فرعيّة أو تكليفيّة ــ أم الأحكام الاعتقاديّة و الأخلاقية، مستمرّة في النفوذ، و لا تتعطّل، مهما تغيّرت الظروف و الموارد، و هذا معنى حياتها، و لو تقيّدت بالموارد التي نزلت فيها لتعطّل القرآن و مات.
و كذلك يكون القرآن جاريا على كلّ الموارد الأخرى و قابلا للتطبيق كما جرى على المورد الأوّل و طبّق عليه.
و السرّ في ذلك أنّ الموارد الخاصّة للأحكام إنّما هي ظروف و مناسبات لورود الحكم فقط، و أمّا الحكمة في تشريعها و العلّة لوضعها فإنّما هي المفاسد و المصالح الباعثة على تشريعها و وضعها، و من الواضح أنّها تدور مدار عللها لا مواردها، فلا بدّ من تعميمها لجميع ما يصلح للانطباق عليها، دائما و أبدا، و هذا هو معنى حياة القرآن و جريانه.
و إن جعلت هذه الأخبار دليلا على شيء، فلا بدّ أن تكون دليلا تامّا على اشتراك الباقين مع الماضين من المكلّفين في الأحكام الشرعيّة الإلهيّة.
و أمّا دلالتها على عدم الالتزام بخصوص أسباب نزول الآيات، فلا نلتزم به أصلا، حيث أنّا ذكرنا : أنّ تخصيص الأسباب للآيات إنّما هو في غير موارد الأحكام.
و قد ظهر بما ذكرنا عدم ارتباط هذه الأخبار ببحث (البطون المتعدّدة للقرآن).