أحدها : الأصل ؛ بتقريب أنّه بعد حجيّة أخبار الآحاد ، ولزوم العمل بها ـ خلافا لعلم الهدى (١) وأضرابه (٢) قدّس أسرارهم ـ فلا خلاف في جواز ذلك بعد الرجوع إلى أحوال الرجال ، وتمييز (٣) المعتبر منها من غيره ، وجوازه قبل ذلك محلّ خلاف وإشكال ، والأصل عدم الجواز (٤).
ثانيها : إنّ أخبار الآحاد لا تفيد غالبا إلاّ الظنّ ، وقد تطابق الكتاب والسنة على حرمة العمل بالظنّ ، خرج من ذلك خبر الواحد المحرز اعتباره بمراجعة أحوال رجال سنده ، وبقي غيره تحت أصالة حرمة العمل بالظنّ (٥).
ثالثها : إنّ مصير عامّة المجتهدين إلى الافتقار إلى علم الرجال ولو في الجملة ـ إن لم يفد القطع بالحاجة إلى علم الرجال ـ فلا أقلّ من إفادته الظنّ بذلك ، فالإقدام على العمل بالخبر ـ من غير مراجعة كتب الرجال ـ قبيح مذموم عقلا ونقلا.
__________________
(١) كما نصّ عليه في كتابه الذريعة إلى اصول الشريعة ٤١٠/١ ، و ٤١٩ ، و ٤٢٧ ـ ٤٢٩ ، و ٤٤١ ، و ٤٤٧ ، و ٤٦١ ، و ٤٧٤ .. ولعلّ هناك مواطن اخرى.
(٢) وهؤلاء بعد إن اقتصروا على العمل في خصوص الأخبار المتواترة أو المحفوفة بالقرائن القطعية استغنوا عن مراجعة الرجال إلاّ في مقام الترجيح.
(٣) في الحجريّة : وتميّز.
(٤) بمعنى عدم الاعتبار ؛ لوضوح أنّه على خلاف الأصل.
(٥) ويمكن أن يقال : إنّ فيه دعوى قطعية الصدور ، أو الاعتبار ، أو الأخير خاصة ..أو غير ذلك.