وثانيا : من منع إفادة شهادتهم القطع ، وعدم اندراجها في الشهادة المصطلحة ـ كما مرّ غير مرّة ـ حتّى تندرج في أخبار اعتبار البيّنة تعبّدا. وإنّما غاية ما تفيده الشهادة المذكورة الظنّ ، وقد عرفت آنفا أنّ من تمكّن من ظنّ لا يجوز له العمل به مع تمكّنه من تحصيل ظنّ أقوى منه بالغ حدّ الاطمئنان ، ومن البيّن إيراث مراجعة علم الرجال قوّة الظنّ ، فالحاجة إليه واضحة.
وأمّا النقض ـ بقبول شهادتهم في حقّ الرجال وتوثيقهم لهم ـ فمردود ؛ بأنّ ذلك أيضا من باب الوثوق والاطمئنان ، ولذا لا يعتمد على ما لا يورث الاطمئنان منها أيضا.
وأمّا دعوى أنّ الناقل عن أصل من الاصول الأربعمائة ونحوها ناقل عن المعصوم عليه السلام نفسه ، فممنوعة ، وشتّان ما بين النقل عن المعصوم وبين النقل عمّن ينقل عن المعصوم عليه السلام ، ولذا تراهم يقدّمون عالي السند ـ وهو الذي وسائطه قليلة ـ على كثير الوسائط.
وأمّا التعلّق بأمرهم عليهم السلام بالرجوع إلى الرواة الثقاة .. فلا ينفع الخصم إن لم يضرّه ، من حيث إنّ مراجعة علم الرجال إنّما هي لإحراز الموضوع ـ وهو كون الخبر الذي يراد العمل به خبر ثقة ـ.
وأمّا ما في الذيل ؛ فيردّه ما مرّ من منع شهادتهم بصحّة كلّ ما نقلوه ، ولو سلم فلا مانع من مراجعة أحوال الرجال لتقوية الظنّ وإيصاله إلى حدّ الاطمئنان.