ومن هنا ينبغي القول بعدم جواز اعتماد المجتهد في المخبر (١) على تصحيح الغير مع إمكان مباشرته للتصحيح ؛ ضرورة عدم حصول استفراغ الوسع منه حينئذ ، كما لا يحصل استفراغ تمام الوسع بالاعتماد على قول علماء الرجال من دون اجتهاد في علم الرجال. وقد قضى الوجدان بأنّ جمعا ممّن لم ينصّ علماء الرجال بتوثيقهم في كتبهم الموضوعة لذلك قد حصل لنا ببذل الجهد العلم بوثاقتهم ، كإبراهيم بن هاشم ، حيث وجدنا من ابن طاوس في كتابه البشرى (٢) دعوى الاتّفاق على أنّه ثقة عدل (٣).
__________________
أمّا أوّلا ؛ فإنّ الحجة أعمّ منه ومن قول الثقة الذي يثق بعدم صدوره ، وإحراز الأخير لا يتأتّى إلاّ بعلم الرجال غالبا.
وأما ثانيا ؛ فلعدم العلم المذكور ، وحينئذ يتعين المراجعة لهذا العلم تعيينا ، لعدم جريان الاصول قبل اليأس من الدليل ، وهو قبل المراجعة إليها مفقود.
وعليه ؛ فيظهر من هذا وجود الحاجة إلى هذا العلم تعينا لو قلنا بأنّ المناط هو عدالة المخبر ، أو كونه ثقة ، أو أحدهما مع الظن بالصدور أو الوثوق به .. نعم ؛ لو كان الملاك منحصرا في الظن بالصدور أو الوثوق به مع ضميمة العلم المتقدم لاتّجه القول بالتخيير .. ولا وجه له.
(١) كذا ، والظاهر : الخبر.
(٢) البشرى لابن طاوس ، ويعرف ب : بشرى المحقّقين(المخبتين) في الفقه ، قيل هو في ستة مجلّدات ولا نعلم بطبعه. انظر : ترجمته وما فيها من الأقوال في تنقيح المقال ٧٢/٥ ـ ١٠١ برقم ٢٣٢ [الطبعة المحقّقة].
(٣) وسيرجع المصنف قدّس سرّه إلى الإسهاب في الحديث عن هذا الموضوع في الفائدة الثالثة عشرة من الكتاب ، فانتظر.