وهذا العلم الحاصل عن تذكر نظر مغاير بالشخص للعلم الذي كان حاصلا عن انشاء النظر، لاستحالة اعادة المعدوم بعينه على المشهور، وهو كسبي لانه ليس داخلا في شيء من أقسام الضروري المشهورة .
لا يقال: لعله داخل في الحدسي، اذا كان تذكر النظر اجمالا بخصوصه.
لانا نقول: نفرض الكلام فى تذكره اجمالا بعمومه، أو في تذكره تفصيلا ويكفي في المقصود، ثم يمكن ان نتجاوز ونقول : كما أنه مع تذكر النظر تفصيلا ، ليس بمنظور فيه ، لعدم مدخلية التفصيل كما مر . وليس بحدسي لمدخلية تذكر الترتيب في الجملة فيه، بخلاف الحدسيات. وكذا مع تذكره اجمالا ليس بحدسي لمدخلية تذكر الترتيب في الجملة .
فان قلت : انما يتوجه ما ذكرتم ، اذا اسند جواز كونه حدسياً ، بكون الواسطة الحد الأوسط في ابتداء النظر. أما اذا اسند بكون الواسطة حصول النظر اجمالا ، أو تفصيلا ، فلا يتوجه لانه لو احتاج الى ترتيب، كأن يقال : هذا منظور فيه بنظر صحيح، وكل منظور فيه كذلك حق كان منظوراً فيه، والا كان حدسياً .
قلت : يمكن الجواب بأن عدم الاحتياج الى الترتيب بين ، لما مر من أنه لازم بين بالمعنى الاخص التذكر، وليس بحدسي أيضاً. لان موجب العلم الضروري من حيث أنه موجب له ، أقوى من موجب الكسبي الذي يقطع على أنه حصل بنظر من حيث أنه موجب له . وتذكر النظر ليس بأقوى من النظر ابتداءاً في ايجاب العلم .
ويمكن الاستدلال بهذا على الكسبية ابتداءاً. ويدل أيضاً على ان هذا العلم كسبي، ان فاعل هذا العلم هو العالم . لانه لو كان من فعل الله لما أمكن دفع شيء منه بشك أو شبهة. ومعلوم ان كل كسبي يمكن دفعه في ابتداء النظر بشك أو شبهة، يمكن دفعه بعد تذكر النظر أيضاً بهما .