وهذه الآية لادلالة فيها (۱) لان الذى يقتضيه ظاهر الآية
____________________________________________
(۱) قوله (وهذه الآية لادلالة فيها) قيل لان المراد الفتوى في الفروع سلمنا لكنه ظاهر، فلا يجدي في الاصول. وفيه ان لفظ الانذار والتحذير لا يجريان في الفتوى في الفروع الا بتأويل بعيد .
وأما كونه ظاهراً في أصل فعند المصنف ان ظاهر القرآن يفيد القطع ان لم ينصب قرينة على خلافه . هذا ونحن بينا انه لا فرق بين الاصول والفروع في وجوب اتباع الظن لولا الادلة المانعة من اتباع الظن في شيء منهما، كما هو عند هذا القائل في غير العامي .
ثم الصواب في هذا المقام أن يقال ان ظاهر هذه الآية في سورة التوبة عدم جواز العمل بخبر الواحد على ما يذهب اليه فخالفونا، وهو أن يكون مناط العمل الظن بحكم الله الواقعي .
وأن يكون هذا الظن مجوزاً للافتاء والقضاء، وذلك لان الآية تدل على ان كل فرقة من الاعراب المذكورين في سابق الآية بقوله ( الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ) (۱) تواتر اليهم المحكمات القرآنية الناهية عن اتباع الظن والتفرق في الدين بالاجتهادات الظنية ونحوذلك، ودخلت في قلوبهم الشبهة والمعارضة الوهمية، وهو ان ذلك تكليف بما لا يطاق . فيجب عليهم ان يبعثوا الى دار الهجرة والفقه ، طائفة لدفع هذه الشبهة كما فعله مؤمنوا الاعراب المذكورون في سابق الآية، بقوله ( وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ ) (۲) وهم المراد بقوله في صدر
__________________
(١) التوبة : ۹۷.
(۲) التوبة : ۹۹ .