بفتح الياء وضم الخاء وبالعكس (جَهَنَّمَ داخِرِينَ) (٦٠) صاغرين (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً) إسناد الإبصار إليه مجازي لأنه يبصر فيه (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) (٦١) الله فلا يؤمنون (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (٦٢) فكيف تصرفون عن الإيمان مع قيام البرهان (كَذلِكَ يُؤْفَكُ) أي مثل إفك هؤلاء إفك (الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللهِ) معجزاته (يَجْحَدُونَ) (٦٣) (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ
____________________________________
لمفاسد ، وأن لا يكون فيه قطيعة رحم ، وأن لا يستعجل الإجابة ، وأن يكون موقنا بها ، فإذا كان الدعاء بهذه الشروط ، كان حقيقا بالإجابة ، فإما أن يعجلها له ، وإما أن يؤخرها له ، فالإجابة على مراده تعالى ، وحينئذ فالذي ينبغي للإنسان أن يدعو الله تعالى ، ويفوض له الأمر في الإجابة ، ولذا ورد : «ما من رجل يدعو الله تعالى بدعاء إلا استجيب له ، فإما أن يعجل له في الدنيا ، وإما أن يؤخر له في الآخرة ، وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا ، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ، أو يستعجل ، قالوا : يا رسول الله وكيف يستعجل؟ قال : يقول : دعوت فما استجاب لي» والدعاء من خصائص هذه الأمة ، لما حكي عن كعب الأحبار قال : أعطيت هذه الأمة ثلاثا ، لم يعطهن أمة قبلهم إلا نبي ، كان إذا أرسل نبي ، قيل له : أنت شاهد على أمتك ، وقال تعالى لهذه الأمة (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) وكان يقال للنبي : ليس عليك في الدين من حرج ، وقال تعالى لهذه الأمة (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) وكان يقال للنبي : ادعني أستجب لك ، وقال لهذه الأمة (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وقد يطلق الدعاء على مطلق العبادة مجازا ، من اطلاق الخاص وارادة العام ، وهما تفسيران للدعاء هنا مشى على المفسر على الثاني ، وعبر عنها بالدعاء إشارة إلى أن المقصود من العبادة ، الذل والخضوع والفقر والمسكنة ، والدعاء مشعر بذلك. قوله : (بقرينة ما بعده) أي وهو قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي) الخ ، فتحصل أن في الآية تفسيرين : أحدهما حقيقة ، والثاني مجاز ، اختار المفسر الثاني لوجود القرينة ، ويصح ارادة الحقيقة لأنها الأصل. قوله : (بفتح الياء وضم الخاء) أي والقراءتان سبعيتان. قوله : (صاغرين) أي أذلاء ، فمن أنف واستكبر في الدنيا ، ألبس ثوب الذل في الآخرة ، ومن تواضع وتذلل في الدنيا ، ألبس ثواب العز والفخر في الآخرة ، فباب الذل والانكسار من أعظم الأبواب الموصلة إلى الله تعالى ، لما حكي عن سيدي أحمد الرفاعي أنه قال : طرقت الأبواب الموصلة إلى الله تعالى فوجدتها مزدحمة ، إلا باب الذل والإنكسار ، وورد أن داود سأل ربه فقال : يا ربنا كيف الوصول إليك؟ قال : يا داود خلّ نفسك وتعال.
قوله : (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ) الخ ، هذا من جملة الأدلة على باهر قدرته تعالى كأنه قال : لا يليق منكم أن تتركوا عبادة من هذه أفعاله. قوله : (مجازي) أي عقلي من اسناد الفيء إلى زمانه. قوله : (لَذُو فَضْلٍ) أي جود وإحسان. قوله : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أي وهم الكفار ، وكان حقا على الناس جميعهم أن يشكروا الله تعالى ويوحدوه. قوله : (ذلِكُمُ) الإشارة مبتدأ ، و (اللهُ) و (رَبُّكُمْ) ، و (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) و (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أخبار أربعة له. قوله : (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) من الأفك بفتح الهمزة وهو الصرف ، وأما الإفك بالكسر فهو الكذب. قوله : (كَذلِكَ يُؤْفَكُ) الخ ، هذا تسلية له صلىاللهعليهوسلم ، والمعنى لا تحزن يا محمد فلا خصوصية لأمتك ، بل من قبلهم كذلك. قوله : (أفك) (الَّذِينَ) بضم الهمزة فعل