وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٦٥) (بَلِ اللهَ) وحده (فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (٦٦) إنعامه (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) ما عرفوه حق معرفته ، أو ما عظموه حق عظمته ، حين أشركوا به غيره (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً) حال أي السبع (قَبْضَتُهُ) أي مقبوضة له ، أي في ملكه وتصرفه (يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ) مجموعات (بِيَمِينِهِ) بقدرته (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٦٧) معه (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) النفخة الأولى (فَصَعِقَ) مات (مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ
____________________________________
قوله : (وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) عطف مسبب على سبب وجملة المعطوف والمعطوف عليه جواب القسم الثاني وهو (لَئِنْ أَشْرَكْتَ) ، والقسم الثاني وجوابه جواب عن القسم الأول (وَلَقَدْ أُوحِيَ) وحذف جواب الشرط وهو إن أشركت للقاعدة. قوله : (بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ) عطف على محذوف ، والتقدير فلا تشرك بل الله الخ. قوله : (وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) أي على ما أعطاك من التوفيق لطاعته وعبادته ، لأن الشكر على ذلك ، أفضل من الشكر على باقي النعم.
قوله : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) إن قلت : إن مفهوم الآية يقتضي أن المؤمنين يعرفون الله حق معرفته ، ومقتضى قوله صلىاللهعليهوسلم : «سبحانك ما عرفناك حق معرفتك». وقوله : «سبحان من لا يعلم قدره غيره ، ولا يبلغ الواصفون صفته ، إنه لا يعلم الله إلا الله» فكيف الجمع بينهما؟ أجيب : بأن الآية محمولة على المعرفة المأمور بها المكلف بتحصيلها ، ولا شك أن المؤمنين عرفوه حق معرفته التي فرضت عليهم ، وهي تنزيهه عن النقائص ، ووصفه بالكمالات ، والحديث محمول على المعرفة التي لم تفرض على العباد ، وهي معرفة الحقيقة والكنه فتدبر ، فتحصل أن العجز عن الإدراك ادراك ، والبحث عن الذات اشراك ، ولم يكلفنا الله إلا بأن ننزهه عما سواه سبحانه وتعالى. قوله : (أو ما عظموه حق عظمته) مفهومه أنهم عظموه ولا حق تعظيمه وهو كذلك ، لأنهم معترفون بأنه الإله الأكبر ، الخالق لكل شيء.
قوله : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً) الخ ، الجملة حالية من لفظ الجلالة والمعنى ما عظموه حق تعظيمه ، والحال أنه موصوف بهذه القدرة الباهرة ، وقدم الأرض لمباشرتهم لها ومعرفتهم بحقيقتها. قوله : (أي في ملكه وتصرفه) أشار بذلك إلى أنه ليس المراد حقيقة القبض ، بل المراد التصرف والملك ، ظاهرا وباطنا ، بخلاف أمور الدنيا ، فإن للعبيد فيها أملاكا ظاهرية ، وقيل : إنه كناية عن انعدامها بالمرة وهو ظاهر ، ويقال في الطي مثل ذلك له.
قوله : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) الخ ، التعبير في هذا وما بعده بالماضي لتحقق وقوعه ، أي لكونه واقعا في علم الله تعالى أزلا ، لأن كل ما ظهر فهو جار في سابق علمه تعالى ، والنافخ اسرافيل وجبريل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره عليهمالسلام ، والصور بسكون الواو في قراءة العامة وهو القرن ، فيه ثقب بعدد جميع الأرواح ، وله ثلاث شعب : شعبة تحت الثرى تخرج منها الأرواح وتتصل بأجسادها ، وشعبة تحت العرش منها يرسل الله الأرواح إلى الموتى ، وشعبة في فم اسرافيل وهو ملك عظيم له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب ، والعرش على كاهله ، وقدماه قد نزلتا عن الأرض السفلى مسيرة مائة عام. قوله : (النفخة الأولى) ظاهر المفسر أن النفخ مرتان : نفخة الصعق ، ونفخة البعث ، وهو ظاهر الآية ، وقيل : إن النفخ ثلاث مرات : فالنفخة الأولى تطول وتكون بها الزلزلة وتسيير الجبال وتكوير الشمس وانكدار النجوم