طالب ، وسماعهم فيه من النبي صلىاللهعليهوسلم قولوا : لا إله إلا الله (أَنِ امْشُوا) أي يقول بعضهم لبعض : امشوا (وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ) اثبتوا على عبادتها (إِنَّ هذا) المذكور من التوحيد (لَشَيْءٌ يُرادُ) (٦) منا (ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ) أي ملة عيسى (إِنْ) ما (هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) (٧) كذب (أَأُنْزِلَ) بتحقيق الهمزتين ، وتسهيل الثانية ، وإدخال ألف بينهما على الوجهين وتركه (عَلَيْهِ) على محمد (الذِّكْرُ) القرآن (مِنْ بَيْنِنا) وليس بأكبرنا ولا أشرفنا؟ أي لم ينزل عليه ، قال تعالى (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي) وحيي ، أي القرآن حيث كذبوا الجائي به (بَلْ لَمَّا) لم (يَذُوقُوا عَذابِ) (٨) ولو ذاقوه لصدقوا النبي صلىاللهعليهوسلم فيما جاء به ولا ينفعهم التصديق حينئذ (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ) الغالب (الْوَهَّابِ) (٩) من النبوّة وغيرها ، فيعطونها من شاؤوا (أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) إن زعموا ذلك (فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ) (١٠) الموصلة إلى السماء فيأتوا بالوحي فيخصوا به من شاؤوا ، وأم في الموضعين بمعنى همزة الإنكار (جُنْدٌ ما) أي هم جند حقير (هُنالِكَ) أي في تكذيبهم لك (مَهْزُومٌ) صفة جند (مِنَ الْأَحْزابِ) (١١)
____________________________________
فقاموا وانطلقوا قائلين : امشوا واصبروا على آلهتكم. قوله : (أي يقول بعضهم) إلخ ، أشار بذلك إلى أن (أَنِ) تفسيرية ، وضابطها موجود ، وهو تقدم جملة فيها معنى القول دون حروفه.
قوله : (وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ) أي استمروا على عبادتها. قوله : (إِنَّ هذا) تعليل للأمر بالصبر. قوله : (يُرادُ) (منا) أي يقصد منا تنفيذه ، فلا انفكاك لنا عنه. قوله : (ما سمعنا بذلك) إلخ ، أي وإنما سمعنا فيها التثليث. قوله : (بتحقيق الهمزتين) أي فالقراءات أربع سبعيات. قوله : (أي لم ينزل عليه) أشار بذلك إلى أن الاستفهام انكاري بمعنى النفي. قوله : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍ) اضراب عن مقدر تقديره انكارهم للذكر ليس عن علم ، بل هم في شك منه. قوله : (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) اضراب انتقالي لبيان سبب الشك ، والمعنى سببه أنهم لم يذوقوا العذاب إلى الآن ، ولو ذاقوه لأيقنوا بالقرآن وآمنوا به. قوله : (يَذُوقُوا) أشار بذلك إلى أن (لَمَّا) بمعنى لم ، فالمعنى لم يذوقوه إلى الآن ، وذوقهم له متوقع ، فإذا ذاقوه زال عنهم الشك وصدقوا ، وتصديقهم حينئذ لا ينفعهم. قوله : (حينئذ) أي حين ذاقوه.
قوله : (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ) المعنى أن النبوة عطية من الله يتفضل بها على من يشاء من عباده فلا مانع له. قوله : (الغالب) أي الذي لا يغلبه شيء ، بل هو الغالب لكل شيء. قوله : (الْوَهَّابِ) أي الذي يهب من يشاء لمن يشاء. قوله : (أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) المعنى : ليس لهم تصرف في العالم الذي هو من جملة خزائن رحمته ، فمن أين لهم التصرف فيها. قوله : (فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ) الفاء واقعة في جواب شرط مقدر قدره بقوله : (إن زعموا ذلك) أي المذكور من العندية والملكية ، والمعنى : فليصعدوا في المعاريج التي يتوصل بها العرش ، حتى يستووا عليه ، ويدبروا أمر العالم ، وينزلوا الوحي على من يختارون. قوله : (بمعنى همزة الإنكار) أي وبعضها قدرها ببل والهمزة. قوله : (أي وهم جند) أشار بذلك إلى أن (جُنْدٌ) خبر لمحذوف ، والتنوين للتقليل ، والتحقير ، و (ما) لتأكيد القلة. قوله : (هُنالِكَ) ظرف لجند أو لمهزوم. قوله : (مَهْزُومٌ) أي مقهور ومغلوب ، والمعنى : إن قريشا