يفسره (زَجْرَةٌ) أي صيحة (واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ) أي الخلائق أحياء (يَنْظُرُونَ) (١٩) ما يفعل بهم (وَقالُوا) أي الكفار (يا) للتنبيه (وَيْلَنا) هلاكنا وهو مصدر لا فعل له من لفظه ، وتقول لهم الملائكة (هذا يَوْمُ الدِّينِ) (٢٠) أي الحساب والجزاء (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ) بين الخلائق (الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (٢١) ويقال للملائكة (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا) أنفسهم بالشرك (وَأَزْواجَهُمْ) قرناءهم من الشياطين (وَما كانُوا يَعْبُدُونَ) (٢٢) (مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره من الأوثان (فَاهْدُوهُمْ) دلوهم وسوقوهم (إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) (٢٣) طريق النار (وَقِفُوهُمْ) احبسوهم عند الصراط (إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) (٢٤) عن جميع أقوالهم وأفعالهم ، ويقال لهم توبيخا (ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ) (٢٥) لا ينصر بعضكم بعضا كحالكم في الدنيا ، ويقال عنهم (بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ) (٢٦) منقادون أذلاء (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) (٢٧) يتلاومون ويتخاصمون (قالُوا) أي الأتباع منهم للمتبوعين (إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ) (٢٨) عن الجهة
____________________________________
حالية ، والعامل فيها معنى (نَعَمْ) كأنه قيل (تبعثون) والحال أنكم صاغرون لخروجهم من قبورهم ، حاملين أوزارهم على ظهورهم.
قوله : (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ) إلخ ، هذه الجملة جواب شرط مقدر ، أو تعليل لنهي مقدر تقديره إذا كان الأمر كذلك فإنما هي إلخ ، أو لا تستصعبوه فإنما هي إلخ. قوله : (أي صيحة) (واحِدَةٌ) أي وهي النفخة الثانية. قوله : (فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ) أي ينتظرون. قوله : (لا فعل له من لفظه) أي بل من معناه وهو هلك. قوله : (وتقول لهم الملائكة) أشار بذلك إلى أن الوقف تم عند قوله : (يا وَيْلَنا) وما بعده كلام مستقبل ، وهذا أحد احتمالات ، ويحتمل أنه من كلام بعضهم لبعض ، ويحتمل أنه من كلام الله تعالى تبكيتا لهم ، ويحتمل أنه من كلام المؤمنين لهم.
قوله : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي من مقامهم إلى الموقف ، أو من الموقف إلى النار. قوله : (قرناءهم من الشياطين) هذا أحد أقوال ، وقيل : المراد أزواجهم نساؤهم اللاتي على دينهم ، وقيل : أشباههم وأخلاؤهم من الإنس ، لأن زوج الشيء على مقاربه ومجانسه ، فيقال لمجموع فردتي الخف ، ولإحداهما زوج. قوله : (من الأوثان) أي كالأصنام والشمس والقمر. قوله : (إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) بكسر الهمزة في قراءة العام على الاستئناف ، وفي معنى التعليل ، وقرىء بفتحها على حذف لام العلة ، والمعنى قفوهم لأجل سؤال الله إياهم. قوله : (عن جميع أقوالهم وأفعالهم) أي لما في الحديث : «لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن شبابه فيما أبلاه ، وعن عمره فيما أفناه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن علمه ما ذا عمل به». قوله : (ويقال لهم) أي والقائل خزنة جهنم. قوله : (كحالكم في الدنيا) تشبيه في المنفي. قوله : (ويقال عنهم) أي في شأنهم على سبيل التوبيخ.
قوله : (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ) أي بعض الكفار يوم القيامة ؛ وهذا بمعنى ما تقدم في سورة سبأ في قوله : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ). قوله : (يتلاومون ويتخاصمون) أي يلوم بعضهم بعضا ، ويخاصم بعضهم بعضا ، كما قال تعالى في شأنهم (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ