خَبِيراً بَصِيراً) (٣٠) عالما ببواطنهم وظواهرهم فيرزقهم على حسب مصالحهم (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ) بالوأد (خَشْيَةَ) مخافة (إِمْلاقٍ) فقر (نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً) إثما (كَبِيراً) (٣١) عظيما (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى) أبلغ من لا تأتوه (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) قبيحا (وَساءَ) بئس (سَبِيلاً) (٣٢) طريقا هو (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ) لوارثه (سُلْطاناً) تسليطا على القاتل (فَلا يُسْرِفْ) يتجاوز الحد (فِي الْقَتْلِ) بأن يقتل غير قاتله أو بغير ما قتل به (إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) (٣٣) (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
____________________________________
وارض بما قسم الله لك ، فوسع عند سعة الرزق وضيق عند ضيقه ، وكن حيث أقامك الله. قوله : (ببواطنهم وظواهرهم) لف ونشر مرتب.
قوله : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ) سبب ذلك : أن بعض الجاهلية كانوا يقتلون البنات خوف الفقر ، وبعضهم خوف العار ، فحصل النهي عن ذلك ، لما فيه من سوء الظن بالله وتخريب العالم ، وكل منهما مذموم ، وهو خطاب للموسرين بدليل قوله : (خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) ولذلك قدم الأولاد ، وما تقدم في الأنعام خطاب للموسرين ، ولذلك قدم ذكر الآباء ، وأخر ذكر الأولاد. قوله : (بالوأد) أي الدفن بالحياة ، وخص بالذكر وإن كان القتل بأن شيء حراما ، لأنه الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية. قوله : (كانَ خِطْأً) إما بكسر الخاء وسكون الطاء بوزن حمل مصدر خطىء كعلم ، وبفتحتين اسم مصدر لأخطأ رباعيا ، أو بكسر الخاء وفتح الطاء ممدودا مصدر لأخطأ كقاتل ، ثلاث قراءات وكلها سبعية.
قوله : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى) هو بالقصر في القراءة الشائعة ، وقرىء شذوذا بالمد ، وخرجت على وجهين : أحدهما أنه لغة في المقصور ، والثاني أنه مصدر زانى كقاتل ، لأنه يكون من اثنين. قوله : (أبلغ من لا تأتوه) أي لأنه يفيد النهي عن مقدماته ، كاللمس والمباشرة والقبلة صريحا ، والنهي عن الفعل بالأولى. قوله : (وَساءَ سَبِيلاً) أي لأنه طريق من طرق النار ، وخص الزنا بالنهي ، وإن كان اللواط أشنع وأقبح ، لأنه كان ساريا في العرب ، بخلاف اللواط ، فقد كان في قوم لوط وتنوسي ، ثم ظهر في هذه الأمة ، بعد قرن الصحابة والتابعين. قوله : (الَّتِي حَرَّمَ اللهُ) أي حرم قتلها بأن عصمها منه ، وهو المسلم أو الكافر الذي تحت ذمتنا. قوله : (إِلَّا بِالْحَقِ) مستثنى من النهي ، والمعنى لا تقتلوا النفس المعصومة ، إلا بالقتل بالحق ، وهو أحد ثلاث : كفر بعد إيمان ، وزنا بعد إحصان ، وقتل مؤمن معصوم عمدا كما في الحديث.
قوله : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً) أي وهو المؤمن المعصوم. قوله : (تسليطا على القاتل) أي فحيث ثبت القتل عمدا عدوانا ، وجب على الحاكم الشرعي ، أن يمكن ولي المقتول من القاتل ، فيفعل فيه الحاكم ما يختاره الولي من القتل أو العفو أو الدية ، ولا يجوز للولي التسلط على القاتل ، من غير إذن الحاكم ، لأن فيه فسادا وتخريبا. قوله : (غير قاتله) أي غير قاتل المقتول. قوله : (أو بغير ما قتل به) يستثنى منه من قتل بمحرم كلواط وسحر ، فإنه لا يجوز القتل بذلك بل يقتل بالسيف. قوله : (إِنَّهُ كانَ) أي الولي منصورا أي من الله ومن الحاكم.
قوله : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) أي لا تقربوه بحال من الأحوال ، إلا