(قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) فيتبعونه كما اتبعوه في الدنيا (فَأَوْرَدَهُمُ) أدخلهم (النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ) (٩٨) هي (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ) أي الدنيا (لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) لعنة (بِئْسَ الرِّفْدُ) العون (الْمَرْفُودُ) (٩٩) رفدهم (ذلِكَ) المذكور مبتدأ خبره (مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ) يا محمد (مِنْها) أي القرى (قائِمٌ) هلك أهله دونه (وَ) منها (حَصِيدٌ) (١٠٠) هلك بأهله فلا أثر له كالزرع المحصود بالمناجل (وَما ظَلَمْناهُمْ) بإهلاكهم بغير ذنب (وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بالشرك (فَما أَغْنَتْ) دفعت (عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ) يعبدون (مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره (مِنْ) زائدة (شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ) عذابه (وَما زادُوهُمْ) بعبادتهم لها (غَيْرَ تَتْبِيبٍ) (١٠١) تخسير (وَكَذلِكَ) مثل ذلك الأخذ (أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى) أريد أهلها (وَهِيَ ظالِمَةٌ) بالذنوب أي فلا يغني عنهم من أخذه شيء (إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (١٠٢) روى الشيخان عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» ، ثم قرأ رسول
____________________________________
قوله : (يَقْدُمُ) مضارع قدم كنصر ، ومصدره قدم كقفل ، وقدوم بمعنى يتقدم. قوله : (كما اتبعوه في الدنيا) أي في دخول البحر والكفر والضلال. قوله : (فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) الورود في الأصل يقال للمرور على الماء للاستقاء منه ، فشبه النار بماء يورد ، وطوى ذكر المشبه به ، ورمز له بشىء من لوازمه وهو الورود ، فإثباته تخييل ، وشبه فرعون في تقدمه على قدمه إلى النار ، ممن يتقدم على الواردين إلى الماء ليكسر العطش على سبيل التهكم. قوله : (هي) قدره إشارة إلى المخصوص بالذم محذوف. قوله : (لَعْنَةً) أي طردا وبعدا عن الرحمة. قوله : (يَوْمَ الْقِيامَةِ) هذا وقف نام ، وقدر المفسر لعنة ، إشارة إلى أن فيه الحذف من الآخر ، لدلالة الأول عليه.
قوله : (بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ) المراد بالرفد اللعنة الأولى ، وقوله : (الْمَرْفُودُ) أي المعان باللعنة الثانية ، والمعنى أن اللعنة الأولى ، أرفدت بلعنة أخرى تقويها وتعاونها ، وتسميتها رفدا تهكم. قوله : (ذلِكَ) أي ما تقدم في هذه السورة من القصص. قوله : (مِنْ أَنْباءِ الْقُرى) أي أخبار أهل القرى ، وهم الأمم الماضية. قوله : (نَقُصُّهُ عَلَيْكَ) أي لتخبر به قومك لتعتبروا. قوله : (مِنْها قائِمٌ) أي أثر قائم موجود. قوله : (حَصِيدٌ) (هلك بأهله) أي محي فلم يبق له أثر ، وفيه تشبيه القائم والحصيد بالزرع ، الذي بعضه قائم على ساقه ، وبعضه قد حصد وذهب أثره. قوله : (لَمَّا جاءَ) أي حين جاء.
قوله : (وَما زادُوهُمْ) الضمير المرفوع للأصنام ، والمنصوب لعابديها ، وعبر عنها بواو العقلاء لتنزيلهم منزلتهم. قوله : (غَيْرَ تَتْبِيبٍ) التباب الخسران ، يقال تببته وتبت يده ، تتب بمعنى خسرت. قوله : (وَهِيَ ظالِمَةٌ) الجملة حالية. قوله : (أَلِيمٌ شَدِيدٌ) أي غير مرجو الخلاص منه. قوله : (إن الله ليملي للظالم) أي يمده بطول العمر وسعة الرزق ونفوذ الكلمة. قوله : (ثم قرأ) الخ ، أي فيؤخذ من ذلك ، أن من قدم على ظلم ، يجب عليه أن يتوب ، ويرجع عما هو عليه ، ويرد المظالم لأهلها ، لئلا يقع في هذا الوعيد العظيم ، فإن هذه الآية ليست مخصوصة بالأمم الماضية ، بل هي عامة في كل ظالم ، غير أن