حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) طين طبخ بالنار (مَنْضُودٍ) (٨٢) متتابع (مُسَوَّمَةً) معلمة عليها اسم من يرمى بها (عِنْدَ رَبِّكَ) ظرف لها (وَما هِيَ) الحجارة أو بلادهم (مِنَ الظَّالِمِينَ) أي أهل مكة (بِبَعِيدٍ) (٨٣) (وَ) أرسلنا (إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ) وحدوه (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ) نعمة تغنيكم عن التطفيف (وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ) إن لم تؤمنوا (عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) (٨٤) بكم يهلككم ووصف اليوم به مجاز لوقوعه فيه (وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ) أتموهما (بِالْقِسْطِ) بالعدل (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) لا تنقصوهم من حقوقهم شيئا (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (٨٥) بالقتل وغيره من عثي بكسر المثلثة أفسد ومفسدين حال مؤكدة لمعنى عاملها تعثوا (بَقِيَّتُ اللهِ) رزقه الباقي لكم بعد إيفاء
____________________________________
ذلك الرجل ، حتى خرج من الحرم فسقط عليه فقتله. قوله : (متتابع) أي في النزول. قوله : (عليها اسم من يرمى بها) أي مكتوب على كل حجر اسم صاحبه الذي يرمى به. قوله : (الحجارة أو بلادهم) هذان تفسيران في مرجع الضمير ، قيل : يعود على الحجارة لأنها أقرب مذكور ، وقيل : يعود على القرى المهلكة ، وعلى الأول فهو وعيد عظيم لكل ظالم من هذه الأمة ، ففي الحديث : سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم جبريل عن المراد بالظالمين ، فقال له جبريل : يعني ظالمي أمتك ، ما من ظالم منهم ، إلا وهو بعرض حجر ، يسقط عليه من ساعة إلى ساعة. قوله : (بِبَعِيدٍ) أي بمكان بعيد ، بل بمكان قريب يمرون عليها في أسفارهم.
قوله : (وَإِلى مَدْيَنَ) معطوف على قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً) عطف قصة على قصة ، ومدين اسم قبيلة ، سميت باسم جدهم مدين بن إبراهيم ، ويسمى شعيب خطيب الأنبياء ، لحسن مراجعته قومه. قوله : (أَخاهُمْ شُعَيْباً) أي في النسب لا الدين ، لأنه ابن ميكائيل بن يشجر بن مدين بن إبراهيم. قوله : (اعْبُدُوا اللهَ) أمرهم بالتوحيد أولا لأنه أهم الأشياء وأصلها ، وغيره فرع ، فإذا صلح الأصل صلح الفرع. قوله : (وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ) نقص يتعدى لمفعولين : فالمفعول الأول قوله : (الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ) والمفعول الثاني محذوف تقديره شيئا ، والمعنى لا تنقصوهما شيئا أصلا عند الأخذ ولا عند الدفع ، فنقصهما عند الدفع ظاهر ، ونقصهما عند الأخذ بأن يزيد على حقه في المبيع ، وهو في الحقيقة نقص الثمن ، قال تعالى : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ).
قوله : (إِنِّي أَراكُمْ) أي فاقتنعوا بما أعطاكم الله ، ولا تطففوا الكيل والميزان. قوله : (ووصف اليوم به) أي بقوله محيط. قوله : (مجاز) أي عقلي في الإسناد للزمان. قوله : (وَلا تَبْخَسُوا) كرر ذلك ثلاث مرات ، أولها قوله : (وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ) ، وثانيها قوله : (وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ) ، وثالثها قوله : (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) تأكيدا لكونهم مصرين على ذلك العمل القبيح منهمكين فيه. قوله : (أَشْياءَهُمْ) أي أموالهم ، ودخل في ذلك من يسوم السلع ينقص قيمتها ، وهو مشهور تقتدي به الناس ، فالواجب إعطاء كل سلعة قيمتها ، وإعطاء كل ذي حق حقه ، وحينئذ فهو عطف عام على خاص.
قوله : (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) هذا أعم مما قبله ، والمعنى لا تكونوا من المفسدين في الأرض بالمعاصي ، بل كونوا مصلحين لدينكم ودنياكم. قوله : (بَقِيَّتُ اللهِ) ترسم بالتاء المجرورة ، وعند