.................................................................................................
______________________________________________________
الثاني : ما أشار إليه بقوله : «باقية فيما بأيدينا ، وحاصله : أنه ـ بعد تسليم العلم بنصب الطرق ـ يمكن دعوى عدم بقاء تلك الطرق إلى هذا الزمان ، ومع عدم بقائها لا معنى للزوم مراعاتها حتى تصل النوبة إلى تعيينها بالظن كما يدعيه صاحب الفصول.
وبالجملة : أنّا سلمنا نصب الطرق ، لكن بقاء تلك الطرق لنا غير معلوم ، فلا مجال لتعيينها بالظن حال الانسداد.
الثالث : ما أشار إليه بقوله : «وعدم وجود المتيقن بينها أصلا ، وحاصله : أنّه ـ بعد تسليم العلم بنصب الطرق وتسليم بقائها إلى زماننا هذا ولزوم رعايتها ـ لا نسلم لزوم رعايتها مطلقا حتى المظنون الاعتبار منها ؛ لإمكان وجود ما هو متيقن الاعتبار فيها كالخبر الصحيح أو الموثوق صدوره ، فتجب مراعاته فقط ، ومع وجود المتيقن لا تصل النوبة إلى حجية مظنون الاعتبار من تلك الطرق إلّا مع عدم كفايته بمعظم الفقه ، فيتنزل إلى مظنون الاعتبار كالخبر الحسن بالنسبة إلى الصحيح.
الرابع : ما أشار إليه بقوله : «أنّ قضية ذلك» ، وحاصله : أن مقتضى العلم الإجمالي بنصب الطرق ـ بعد تسليمه ، وتسليم بقاء تلك الطرق وعدم وجود القدر المتيقن منها ـ هو الاحتياط في أطراف هذا العلم الإجمالي من الطرق المعلومة إجمالا ، فكل شيء يحتمل أن يكون طريقا من مظنون الطريقية ومشكوكها وموهومها يؤخذ به ، كسائر العلوم الإجمالية المقتضية للزوم الاحتياط عقلا بين جميع الأطراف ، بلا فرق بين ما يظن انطباق المعلوم بالإجمال عليه وغيره.
وعليه : فلا تصل النوبة إلى تعيين الطرق بالظن ، حتى يختص الظن الانسدادي بما إذا تعلق بالطريق دون الواقع.
هذا تمام الكلام في الوجه الأول من الجواب.
وأما الوجه الثاني : فقد أشار إليه بقوله : «وثانيا لو سلّم أنّ قضيته» ، وحاصله : أنه لو سلم أن مقتضى دليل القائل باختصاص نتيجة الانسداد هو حجية الظن بالطريق ؛ لكن لا نسلم حجية خصوص الظن بالطريق لا حجية الظن بالواقع.
توضيح ذلك بعد مقدمة وهي : إن هنا ظنونا ثلاث :
الأول : الظن بالطريق فقط كالظن بحجية خبر الواحد.
الثاني : الظن بالواقع فقط كالظن بحرمة شيء. كالظن بحرمة شرب التتن وإن لم يحصل الظن بأنها مؤدى طريق معبر.