العقوبة ـ وهو هتك واحد ـ فلا وجه لاستحقاق عقابين متداخلين كما توهّم ، مع (١) ضرورة : أن المعصية الواحدة لا توجب إلا عقوبة واحدة ، كما لا وجه لتداخلهما على تقدير استحقاقهما كما لا يخفى.
ولا منشأ لتوهمه (٢) إلا بداهة : أنه ليس في معصية واحدة إلّا عقوبة واحدة ، مع الغفلة (٣) عن أن وحدة المسبب تكشف بنحو الإنّ عن وحدة السبب.
______________________________________________________
قوله : «لا يذهب عليك أنه ليس ...» الخ. ردّ لكلام صاحب الفصول ، وحاصل الردّ : أن منشأ استحقاق العقوبة في المعصية الحقيقية لما كان أمرا واحدا ـ وهو الهتك الواحد ـ فلا موجب لتعدد العقوبة ، وعلى تقدير تعددها : لا وجه للتداخل ، ولعل الداعي إلى الالتزام ، بالتداخل هو الجمع بين حكم العقل باقتضاء تعدد السبب تعدد المسبب إذ كل من المعصية والتجري سبب مستقل لاستحقاق العقاب ، وبين ما ادعي الإجماع وضرورة المذهب عليه من وحدة العقاب في المعصية الحقيقية ، فيجمع بالتداخل بين حكم العقل وبين الضرورة المزبورين.
(١) هذا ردّ آخر على الفصول القائل بتعدد العقاب ، وحاصله : أنه كما أن المعصية الحقيقية ليس لها إلا منشأ واحد ، فلا موجب لتعدد العقاب ، كذلك قامت الضرورة على أن هذه المعصية الواحدة لا توجب إلا عقوبة واحدة ، فلا موجب أيضا لتعدد العقاب.
(٢) أي : لتوهم التداخل. وقوله : «إلا بداهة» إشارة إلى ما ذكرناه من دعوى الإجماع وضرورة المذهب على وحدة العقاب في المعصية الحقيقية ، فجعل صاحب الفصول وحدة العقوبة كاشفة عن تداخل المسبب أي : العقابين.
(٣) هذا ردّ لما توهمه صاحب الفصول من كشف وحدة العقوبة المدعى عليها الإجماع وضرورة المذهب عن تداخل العقابين ، وحاصل الردّ : أنه لم لا يجعل وحدة المسبب كاشفة إنّا عن وحدة السبب ، يعني : أن سبب الاستحقاق واحد لا تعدد فيه حتى نلتجئ إلى القول بتداخل المسبب أعني : العقابين.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
يتلخص البحث في أمور :
١ ـ الغرض من هذا الأمر الثاني : هو بيان حكم مخالفة القطع غير المصيب وحكم موافقته ، والأول يسمى تجريا والثاني : انقيادا ، فيقال إن الانقياد يوجب استحقاق الثواب ، فهل التجري يوجب استحقاق العقاب أم لا؟