إشكال في وجوبه وحصول البراءة به ، وإن انسد علينا سبيل العلم كان الواجب علينا تحصيل الظن بالبراءة في حكمه ؛ إذ هو الأقرب إلى العلم به (١) ، فيتعين الأخذ به عند التنزل من العلم في (٢) حكم العقل بعد انسداد سبيل العلم والقطع (٣) ببقاء التكليف ، دون (٤) ما يحصل معه الظن بأداء الواقع كما يدعيه القائل بأصالة حجية الظن (٥)» (*). انتهى موضوع الحاجة من كلامه «زيد في علوّ مقامه».
وفيه (٦) : أولا : أن الحاكم على الاستقلال في باب تفريغ الذمة بالإطاعة والامتثال إنما هو العقل ، وليس للشارع في هذا الباب (٧) حكم مولوي يتبعه حكم العقل ، ولو حكم (٨) في هذا الباب كان يتبع حكمه إرشادا إليه ، وقد عرفت : استقلاله (٩) بكون
______________________________________________________
وكلمة «في» في قوله «في حكم الشارع» بمعنى الباء وقد تقدم نظيره آنفا.
والضمير في «وجوبه» راجع إلى تحصيل العلم بالتفريغ ، وضمير «به» راجع على العلم بالتفريغ.
قوله : «إذ» تعليل لوجوب تحصيل الظن ، وضمير «هو» راجع إلى الظن.
(١) أي : إلى العلم بالتفريغ.
(٢) متعلق بقوله : «فيتعين» ، والضمير في «الأخذ به» راجع إلى الظن بالطريق.
(٣) عطف على قوله : «انسداد».
(٤) قيد لقوله : «تحصيل الظن بالبراءة» ، يعني : أن الواجب تحصيل الظن بالبراءة ؛ لا تحصيل الظن بأداء الواقع.
(٥) حيث إنه يرى أن الظن بالواقع أقرب.
(٦) وقد أجاب المصنف عن دليل صاحب الحاشية بوجوه ثلاثة ، وقد تقدم تفصيل الكلام فيها فراجع.
(٧) أي : باب تفريغ الذمة ، وقوله : «بالإطاعة» متعلق ب «الحاكم».
وحاصل الكلام في المقام : أنه ليس للشارع في باب تفريغ الذمة «حكم مولوي» حتى «يتبعه حكم العقل» ، ويكون اللازم حينئذ : إفراغ الذمة شرعا حتى يقال : بأن الإفراغ الشرعي إنما يكون بمتابعة الطريق.
(٨) أي : لو حكم الشارع في هذا الباب لكان حكمه تابعا لحكم العقل وإرشادا إليه ؛ كحكمه في باب الإطاعة والمعصية ، حيث يكون إرشادا إلى حكم العقل.
(٩) أي : العقل «بكون الواقع بما هو» لا بما هو مؤدى الطريق «مفرغ» للذمة.
__________________
(*) هداية المسترشدين ٣ : ٣٥٢.