الأمر الثاني (١):
قد عرفت إنه لا شبهة في أن القطع يوجب استحقاق العقوبة على المخالفة ، والمثوبة على الموافقة في صورة الإصابة ، فهل يوجب استحقاقها في صورة عدم الإصابة على التجري بمخالفته ، واستحقاق المثوبة على الانقياد بموافقته ، أو لا يوجب شيئا؟
______________________________________________________
٧ ـ رأي المصنف «قدسسره» :
١ ـ الصحيح هو التقسيم الثنائي لا الثلاثي.
٢ ـ حجية القطع ذاتية غير قابلة للجعل لا إثباتا ولا نفيا.
٣ ـ أن للحكم مراتب أربع.
٤ ـ أن الأثر يترتب على القطع بالحكم إذا تعلق بالمرتبة الفعلية دون ما قبلها من المرتبة الاقتضائية أو الإنشائية.
في التجري
(١) الغرض من عقد هذا الأمر : التعرض لأمرين :
الأول : حكم مخالفة القطع غير المصيب وإنها هل توجب استحقاق العقوبة أم لا؟ وهذا هو المسمى بالتجري.
الثاني : حكم موافقة القطع غير المصيب ، وأنها هل توجب استحقاق المثوبة أم لا؟ وهو المسمى بالانقياد ، ولعل وجه تسمية هذا البحث بالتجري لا الانقياد هو : سهولة الأمر في ترتب الثواب على الانقياد ، دون استحقاق العقوبة على التجري ، حيث إنه محل الكلام والنقض والإبرام.
وقبل الخوض في البحث ينبغي بيان أمرين :
الأول : بيان الفرق بين التجري والمعصية من جهة ، وبين الانقياد والإطاعة من جهة أخرى.
الثاني : بيان جهات ثلاث في بحث التجري.
الجهة الأولى : كلامية. الثانية : أصولية. الثالثة : فقهية.
أما الأمر الأول : فنقول : إن التجري لغة وإن كان أعم من المعصية ؛ لأنه من الجرأة بمعنى : إرادة مخالفة المولى ، سواء كانت هناك في الواقع مخالفة أم لا ، فيكون شاملا للمعصية. هذا بخلاف الانقياد لغة : فإنه بمعنى : إرادة موافقة المولى ، سواء كانت هناك موافقة في الواقع أم لا. فيكون شاملا للإطاعة. هذا بحسب اللغة.