وقد ظهر بذلك (١) : أن العلم الإجمالي بالتكليف ربما ينحل ببركة جريان الأصول المثبتة وتلك الضميمة ، فلا موجب حينئذ (٢) للاحتياط عقلا ولا شرعا. أصلا ، كما لا يخفى.
كما ظهر أنه لو لم ينحل بذلك (٣) كان خصوص موارد الأصول النافية مطلقا ولو
______________________________________________________
أو ينهض دليل علمي عليه ففي الأحوال المساعدة وعند العارفين والماهرين قد تكثر الأدلة ، فينحل العلم الإجمالي.
وفي عكس ذلك قد تقل الأدلة ؛ إذ لا تتوفر له العلميّات ولا العلم التفصيلي ، فلا ينحل العلم الإجمالي.
(١) أي : قد ظهر بذلك الذي ذكرنا من كفاية المقدار المحصل من الأحكام بالعلم والعلمي والأصول المثبتة : «أن العلم الإجمالي بالتكاليف» في المظنونات والمشكوكات والموهومات «ربما ينحل ببركة جريان الأصول المثبتة ، وتلك الضميمة» ، وهي العلم والعلمي ، وغرضه : أنّه إذا كان المقدار الثابت من الأحكام ـ بالأصول المثبتة وغيرها ـ بمقدار المعلوم بالإجمال انحل العلم الإجمالي.
(٢) أي : حين انحلال العلم الإجمالي لا موجب للاحتياط لا عقلا ولا شرعا ، أما الاحتياط عقلا ، فلأن موجبه هو العلم الإجمالي ، والمفروض : انحلاله ، وأما الاحتياط شرعا ، فلأنه مع ثبوت هذا المقدار من الأحكام لا إجماع على الاحتياط ، ولا علم باهتمام الشارع يحرز به وجوبه شرعا.
(٣) يعني : كما ظهر مما تقدم في أول المقدمة الرابعة في قوله : «وأما فيما لا يوجب فمحل نظر ، بل منع .. الخ ، أنه لو لم ينحل العلم الإجمالي بالأصول المثبتة ، وتلك الضميمة «كان خصوص موارد الأصول النافية مطلقا ..» .. الخ.
وبالجملة : ففي صورة عدم الانحلال يجب الاحتياط بمقتضى حجية العلم الإجمالي في موارد الأصول النافية. أما الأصول المثبتة فهي موافقة لقاعدة الاحتياط.
ولا يخفى : أن هذا تعريض بالمشهور القائلين : بأن نتيجة مقدمات الانسداد وجوب العمل بالظن وترك الاحتياط في المشكوكات والموهومات.
وحاصل التعريض : أنه لو لم ينحل العلم الإجمالي يجب الاحتياط عقلا ، ولا يرفع اليد عنه إلا بمقدار يرفع اختلال النظام أو العسر ، فإنّ الضرورات تتقدر بقدرها ، فإن ارتفع الاختلال أو العسر بترك الاحتياط في بعض الموهومات اقتصر على ذلك ، فلا وجه لترك الاحتياط في البعض الآخر من الموهومات فضلا عن تمام المشكوكات.