لم يكن معه (١) مجال لاستكشاف إيجاب الاحتياط وإن لم يكن (٢) بذاك المقدار ، ومن الواضح : أنه يختلف (٣) باختلاف الأشخاص والأحوال.
______________________________________________________
انتفاء المانع عن إجراء الأصول النافية هو عدم استكشاف إيجاب الاحتياط ؛ لا عدم كون المعلوم بمقدار جميع الأطراف.
وبعبارة أخرى : أن إجراء الأصول النافية وعدم وجوب الاحتياط قد يكون لأجل انحلال العلم الإجمالي بالظفر بمقدار جميع الأطراف المعلوم بالإجمال علما ، أو علميا مع الأصول المثبتة ، وقد يكون لأجل قيام الأمارات والأصول على أكثر أطراف المعلوم بالإجمال ، كما إذا فرضنا أن أطرافه عشرة ، واستفيد حكم ثمانية منها بالأمارات المعتبرة والأصول المثبتة ، ولم يعلم حكم الطرفين الباقيين ، فإنه لا مانع من إجراء الأصول النافية للتكليف بالنسبة إليهما ، ولا يمكن استكشاف إيجاب الاحتياط فيهما من الإجماع أو العلم باهتمام الشارع.
(١) أي : مع هذا المقدار غير الوافي بجميع الأطراف.
(٢) أي : وإن لم يكن هذا المقدار المعلوم بمقدار جميع الأطراف ؛ بل كان وافيا بمعظم الأطراف.
(٣) أي : يختلف ذلك المقدار باختلاف الأشخاص والأحوال.
أما الاختلاف باختلاف الأشخاص : فرب شخص كان ما علمه تفصيلا ، أو نهض عليه علمي هو بمقدار كثير لو انضم إلى موارد الأصول المثبتة ، لانحل العلم الإجمالي بالتكاليف من أصله ، ولم يبق له مانع عن الأصول النافية أصلا ، بخلاف شخص آخر ، وهكذا قد يتفق الاختلاف باختلاف الأحوال والأزمات ، فربّ حال وزمان أمكن فيه تحصيل العلم التفصيلي أو العلمي بمقدار لو انضم إلى الأصول المثبتة لانحل العلم الإجمالي بالتكاليف من أصله ، بخلاف حال آخر.
وبعبارة أخرى : أنّ الشخص المتتبع لموارد السنة العارف بالطرق الحديثية ربما تتوفر عنده العلميّات ، بخلاف غير المتتبع وغير العارف ، فإن العلمي يقل عنده لاتّهامه الروايات بالضعف سندا أو دلالة ، حيث لا يجد نفسه وثوقا بها ، وهكذا بالنسبة إلى الأحوال التي تقترن بوجود أهل الفضل والمعرفة تعين وتساعد صاحبها على تفهم ما لا يستطيعه من يكون في حال فاقدة لأهل الفن والمعرفة.
وهذا التفاوت مما يوجب التفاوت في كمية موارد الأصول المثبتة ، وما يعلم بالتفصيل