خامسها : أنه كان ترجيح المرجوح على الراجح قبيحا (١) ، فيستقل (٢) العقل حينئذ (٣) بلزوم الإطاعة الظنية لتلك التكاليف المعلومة ، وإلا (٤) لزم ـ بعد انسداد باب العلم والعلمي بها ـ إما إهمالها ، وإما لزوم الاحتياط في أطرافها ، وإما الرجوع إلى الأصل الجاري في كل مسألة ، مع قطع النظر عن العلم بها ، أو التقليد فيها ، أو الاكتفاء بالإطاعة الشكية أو الوهمية مع التمكن من الظنية ، والفرض بطلان كل واحد منها.
______________________________________________________
الخامسة : أن ترجيح المرجوح على الراجح قبيح عقلا ، وهو : أن يؤخذ بالمشكوكات والموهومات ، ويترك الأخذ بالمظنونات.
فإذا تمت هذه المقدمات فلا محيص حينئذ عن الرجوع إلى الظن في امتثال التكاليف ، فيجب الأخذ به وترك العمل بالمشكوك والموهوم ؛ لئلا يلزم ترجيح المرجوح على الراجح وهو المطلوب في المقام. هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب دليل الانسداد على حجية الظن المطلق.
(١) أي : لا يأمر به شرع ولا يحكم به عقل.
(٢) هذا نتيجة المقدمات الخمس بنحو الإجمال ، يعني : أنه بعد أن ثبت عدم جواز الإهمال ، وعدم جواز الرجوع إلى الطرق المزبورة ، وقبح ترجيح المرجوح على الراجح ـ أي : ترجيح الشك والوهم على الظن ـ فلا محيص حينئذ عن الرجوع إلى الظن في امتثال التكاليف.
(٣) أي : حين تمام المقدمات.
(٤) أي : وإن لم يستقل العقل بلزوم الإطاعة الظنية لزم أحد هذه التوالي الباطلة التي سيأتي وجه بطلانها في شرح المقدمات ، فهنا قضية منفصلة حقيقية مانعة الخلو ذات أطراف كثيرة ، هكذا : إما أن يلزم ـ بحكم العقل ـ الإطاعة الظنية ، أو إهمال الأحكام ، أو الاحتياط في أطرافها ، أو الرجوع إلى الأصل الجاري في كل مسألة أو التقليد فيها ، أو الاكتفاء بالإطاعة الشكية والوهمية ، مع فرض التمكن من الظنية ، والتوالي كلها باطلة ؛ لما سيأتي ، فالمقدم وهو عدم استقلال العقل بلزوم الإطاعة الظنية أيضا باطل ، فالنتيجة هي لزوم الإطاعة الظنية ، وهو المطلوب ، فالمقام نظير أن يقال : هذا العدد إما فرد وإما زوج ، لكنه ليس بزوج ؛ لعدم انقسامه إلى متساويين ، فهو فرد.