وإمكان
الإشارة إليه بخواصّه وآثاره ، فإنّ الاشتراك في الأثر كاشف عن الاشتراك في جامع
واحد يؤثر الكل فيه بذاك الجامع ، فيصح تصوير المسمى (١) بلفظ الصلاة مثلا
بالناهية عن الفحشاء ، وما هو معراج المؤمن ، ونحوهما.
______________________________________________________
المقام
الثاني : في تصويره بين
الأعم من الصحيح والفاسد على مذهب الأعمي.
أمّا
المقام الأوّل : فقد أشار إليه المصنف بقوله : «ولا إشكال في وجوده» أي : الجامع «بين
الأفراد الصحيحة ، وإمكان الإشارة إليه» أي : الجامع بخواصه وآثاره أي : الجامع
بحيث تكون الخواص والآثار المذكورة في الشريعة الإسلامية ـ كالنهي عن الفحشاء
والمنكر ، وما هو معراج المؤمن ، وقربان كل تقي ، وعمود الدين ـ عناوين مشيرة إلى
معنون واحد هذا ما أشار إليه بقوله : فإن الاشتراك في الأثر كاشف عن الاشتراك في
جامع واحد. «ويؤثر الكل» أي : جميع الأفراد الصحيحة «فيه» أي : في ذلك الأثر
الواحد بذلك الجامع.
(١) أي : المسمى
بالصلاة الصحيحة.
وملخص
الكلام في تصوير الجامع على الصحيحي هو : أنّنا لاحظنا الأثر الذي يشترك فيه جميع أفراد الصحيحة ،
ومصاديقها التي تختلف من حيث الكمية والكيفية ، ويشار إليه بالنهي عن الفحشاء
والمنكر ، فيقال : إن طبيعة الصلاة الصحيحة إذا صدرت من أيّ مكلف وفي أيّ مكان وفي
أيّ زمان يكون لها هذا الأثر المذكور ، وغيره من الآثار التي ذكرناها من المعراجية
والمقربية وغيرهما.
فهذه العناوين
تشير إلى معنون واحد يكون القدر الجامع بين الأفراد وإن لم نعرفه بعينه ؛ لأن
معرفته بعينه لا تكون دخيلة في مؤثريته في هذه الآثار ، والاشتراك فيها كاشف عن
اشتراكها في جامع واحد يؤثر في الأثر الواحد ؛ إذ الأثر الذي يترتب على الصلاة بما
لها من الأفراد التي تختلف بحسب اختلاف حالات المكلف واحد كالنهي عن الفحشاء
والمنكر ، فلا بد أن يكون المؤثر أيضا واحدا بناء على قاعدة عدم صدور الواحد إلّا
عن الواحد ، وامتناع صدور معلول واحد عن علل متعددة ، إذ لا بد من السنخية بين
العلة ومعلولها ، والواحد بما هو واحد لا تعقل سنخيّته مع الكثير بما هو كثير ،
وحيث إن الأثر المترتب على الصلاة بما لها من الأفراد المتعددة واحد ؛ فلا بد أن
يكون المؤثر فيه واحدا ، إذ لو كان الأثر الواحد مستندا إلى خصوصية كل فرد لزم
تأثير العلل المتعددة في معلول واحد وهو ممتنع ، فلا بد من كون المؤثر واحدا ، وهو
الجامع المنطبق على جميع الأفراد الصحيحة. هذا غاية ما يمكن أن يقال في تصوير
الجامع بين الأفراد الصحيحة على مذهب الصحيحي.