ولذا (١) يسري إليه قبحه وحسنه كما لا يخفى. ولا يكاد يمكن جعل اللفظ كذلك (٢) ، إلّا لمعنى واحد (٣) ضرورة (٤) : أن لحاظه (٤) هكذا في إرادة معنى ينافي لحاظه (٥) كذلك في إرادة الآخر ، حيث إن لحاظه كذلك لا يكاد يكون إلّا بتبع لحاظ المعنى فانيا فيه فناء الوجه في ذي الوجه ، والعنوان في المعنون ، ومعه (٦) كيف يمكن
______________________________________________________
الاستعمال عبارة عن جعل اللفظ علامة للمعنى ، وحينئذ يجوز استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى ؛ إذ لا يمتنع أن يكون الشيء الواحد علامة وكاشفا عن أمرين ، فإنه من الممكن نصب علامة واحدة لبيان جهتين كرأس الفرسخ ، ومقام صالح من الصلحاء ، وأما لو كان الاستعمال إفناء اللفظ في المعنى بجعله مرآة ووجها له بحيث يكون كأنه هو الملقى رأسا ؛ كان الاستعمال في المتعدد ممتنعا.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن حقيقة الاستعمال عند المصنف «قدسسره» هو : إفناء اللفظ في المعنى ، فيكون الاستعمال في المتعدد ممتنعا ، وذلك لأن الاستعمال إذا كان كذلك يستدعي أن يلحظ اللفظ آلة وطريقا إلى المعنى لفنائه فيه فناء الوجه في ذي الوجه ، وعليه : فاستعماله في معنيين يستلزم إفناءه مرتين ، وهو يقتضي أن يلحظ اللفظ بلحاظين آليين وهو ممتنع ـ لاستحالة اجتماع المثلين في شيء واحد في آن واحد ـ كما تحقق في محله.
(١) أي : لكون اللفظ وجها للمعنى ، بل نفسه بوجه يسري إلى اللفظ حسن المعنى وقبحه.
(٢) أي : وجها وعنوانا للمعنى.
(٣) أي : يمكن جعل اللفظ وجها وعنوانا لمعنى واحد.
(٤) تعليل لقوله «لا يكاد يمكن ...» إلخ وحاصله : أن لحاظ اللفظ وجها للمعنى وفانيا فيه ينافي لحاظه وجها لمعنى آخر ؛ لما عرفت : من استلزامه جمعا بين المثلين ، وقيل لتقريب ذلك إلى الذهن : إن اللفظ الواحد بالنسبة إلى معنيين كالقلنسوة الواحدة بالنسبة إلى رأسين ؛ فكما لا يمكن جعلها في آن واحد على رأسين بحيث تكون محيطة بتمام كل منهما ، فكذلك لا يمكن جعل لفظ واحد في آن واحد فانيا في معنيين ووجودا ووجها لهما معا ، فالمتحصل من الجميع هو : امتناع استعمال لفظ واحد في أكثر من معنى واحد.
(٥) أي : لحاظ اللفظ وجها وعنوانا «في إرادة معنى ينافي لحاظه» أي : اللفظ «كذلك» أي : وجها وعنوانا في إرادة المعنى الآخر.
(٦) أي : ومع لحاظ اللفظ وجها وعنوانا للمعنى ؛ كيف يمكن إرادة معنى آخر مع