فدخل فقال له : «اقض حاجة هشام بن إبراهيم» فقضاها، ثمّ قال : يا سيدي قد حضر الغدا فتكرمني أن تتغدى. فقال : «هات المائدة» وعليها البوارد فأجال يده في البارد ثمّ قال : «البارد تجال اليد فيه» فلمّا رفع البارد جاء بالحار فقال أبو الحسن : «الحار حمى» (١) .
أقول : ولو أردنا استقصاء ما يدل على أنّه عليهالسلام كان في بعض تلك الأيّام غير محبوس لطال المقام، مثل ما في كتاب العيون لأبي جعفر محمّد ابن عليّ بن موسى القمي، عن الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد ابن الحسين المدني، عن عبدالله بن الفضل، عن أبيه الفضل قال : كنت أحجب للرشيد فأقبل علي يوماً غضباناً وبيده سيف يقلّبه، فقال : يا فضل بقرابتي من رسول الله لئن لم تأتني بابن عمّي لأخذت الذي فيه عيناك. فقلت : بمن أجيئك؟ فقال : هذا الحجازي. قلت : وأي الحجازيين؟ قال : موسى بن جعفر، إلى أن قال : ومضيت إلى منزل أبي إبراهيم موسى بن جعفر، فأتيت إلى خربة فيها كوخ من جرايد النخل، فإذا أنا بغلام أسود، فقلت له : استأذن لي على مولاك يرحمك الله، فقال لي : لج ليس له حاجب ولا بوّاب، فولجت إليه فإذا أنا بغلام أسود بيده مقصّ يأخذ اللحم من جبينه وعرنين أنفه من كثرة سجوده، إلى آخر الحديث، وهو حديث طويل فراجعه (٢) .
بل في جملة من التواريخ أن في بعض إتيانه إلى بغداد كان معه بعض نسائه وبعض ولده، وأنّه لمّا رجع أبو الحسن موسى من بغداد ومضى يريد المدينة ماتت له ابنة بـ (فيد) (٣) ، فدفنها، وأمر بعض مواليه أن يجصص
____________________
(١) اختيار معرفة الرجال (رجال الكشّي) ٢ : ٧٩٠ / ٩٥٦.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٦٢ - ٦٣ / ٥.
(٣) فيد : بليدة في نصف طريق مكّة من الكوفة عامرة. معجم البلدان ٤ : ٢٨٢.