وأمّا يومه ، فلمّا توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وارتدت العرب فقال بعضهم : لا نصلّى ولا نزكّي ، فأتيته ولا آلوه نصحا ، فقلت : يا خليفة رسول الله تألّف الناس وأرفق بهم. فقال : جبار في الجاهلية خوار في الإسلام! فبما ذا أتألّفهم؟ أبشعر مفتعل أو سحر مفترى؟ قبض النبي صلّى الله عليه وسلّم وارتفع الوحي ، فو الله لو منعوني عقالا مما كانوا يعطون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لقاتلتهم عليه. فقاتلنا معه وكان والله رشيد الأمر. فهذا يومه. الدينوري في المجالسة ، وأبو الحسن بن بشران في فوائده ، ق في الدلائل ، واللالكائي في السنه. كر » (١).
وفي ( كنز العمال ) أيضا « عن محمد بن سيرين قال : ذكر رجال على عهد عمر فكأنهم فضّلوا عمر على أبي بكر ، فبلغ ذلك عمر فقال : والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر ، وليوم من أبي بكر خير من آل عمر ، لقد خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر ، فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه حتى فطن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يديّ وساعة خلفي؟ فقال : يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك وأذكر الرصد فأمشي بين يديك. فقال : يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني؟ قال : نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون مثلة إلاّ أن تكون بي دونك. فلما انتهى إلى الغار قال أبو بكر : مكانك يا رسول حتى أستبرئ لك الغار. فدخل واستبرأه حتى إذا كان في أعلاه ذكر أنه لم يستبرأ الحجر ، فدخل واستبرأ ثم قال : انزل يا رسول الله. فنزل. قال عمر : والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر. ك ق في الدلائل » (٢).
وأيضا : فمن المعلوم أن مرتبة عثمان بن عفان أدنى بمراتب كثيرة من مرتبة عمر بن الخطاب ، فبناء على كون عثمان أفضل من علي عليهالسلام ـ معاذ الله من ذلك ـ تكون مرتبة علي أدنى من مرتبة أبي بكر بمراتب لا تعدّ ولا تحصى ، فيكون لزوم محبّته أقل من لزوم محبة أبي بكر بمراتب لا تعدّ ولا تحصى ، وحينئذ
__________________
(١) كنز العمال ١٤ / ١٣٥.
(٢) المصدر ١٤ / ١٣٤.